34

قطع العلائق للتفكر في عبودية الخلائق

قطع العلائق للتفكر في عبودية الخلائق

ناشر

مركز تأصيل علوم التنزيل للبحوث العلمية والدراسات القرآنية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٤٣ هـ

محل انتشار

القاهرة - مصر

ژانرها

فَأَنْفَعُ الدُّعَاءِ طَلَبُ الْعَوْنِ عَلَى مَرْضَاتِهِ، وَأَفْضَلُ الْمَوَاهِبِ إِسْعَافُهُ بِهَذَا الْمَطْلُوبِ، وَجَمِيعُ الْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ مَدَارُهَا عَلَى هَذَا، وَعَلَى دَفْعِ مَا يُضَادُّهُ، وَعَلَى تَكْمِيلِهِ وَتَيْسِيرِ أَسْبَابِهِ، فَتَأَمَّلْهَا. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ-: تَأَمَّلْتُ أَنْفَعَ الدُّعَاءِ فَإِذَا هُوَ سُؤَالُ الْعَوْنِ عَلَى مَرْضَاتِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي الْفَاتِحَةِ فِي ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ (الفاتحة: ٥) (^١). وحالة المتوكِّل على الله تشبه حَالَةَ الطِّفْلِ مَعَ أَبَوَيْهِ فِيمَا يَنْوِيهِ مِنْ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ …، فَانْظُرْ فِي تَجَرُّدِ قَلْبِهِ عَنِ الِالْتِفَاتِ إِلَى غَيْرِ أَبَوَيْهِ، وَحَبْسِ هَمِّهِ عَلَى إِنْزَالِ مَا يَنْوِيهِ بِهِمَا، فَهَذِهِ حَالُ الْمُتَوَكِّلِ، وَمَنْ كَانَ هَكَذَا مَعَ اللَّهِ فَاللَّهُ كَافِيهِ وَلَا بُدَّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (الطلاق: ٣) أَيْ كَافِيهِ. (^٢) تنبيه: قال شيخنا الفقيه العلامة ابنُ عثيمين (ت: ١٤٢١ هـ) ﵀-: وأعلى المراتب: الأولى، أن تجمع بين العبادة والاستعانة. ولننظر في حالنا الآن -وأنا أتكلَّمُ عن حالي- دائما نغلِّب جانب العبادة، فتجد الإنسان يتوضّأ وليس في نفسه شعورٌ أنْ يستعينَ اللهَ على وضوئِه، ويصلِّي وليس في نفسه شعورٌ أنْ يستعينَ اللهَ على الصَّلاة وأنَّه إنْ لَمْ يُعِنْهُ ما صلَّى؛ … فإذا صلَّيتَ - مثلًا - وشعرتَ أنَّك تصلِّي لكن بمعونةِ الله وأنَّه لولا معونةُ الله ما صلَّيتَ، وأنَّك مفتقرٌ إلى اللهِ أن يعينَكَ حتَّى تصلِّيَ وتتمَّ الصَّلاةَ، حَصَّلْتَ عبادتين: الصَّلاةَ والاستعانةَ … (^٣). القسم الثَّاني: من لا عبادةَ ولا استعانةَ لهم

(^١) - مدارج السَّالكين (١/ ١٠٠). (^٢) مدارج السَّالكين (١/ ١٠٣). (^٣) - شرح الأصول من علم الأصول (١٩٠ - ١٩١). شرح الأصول من علم الأصول المؤلف: محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: ١٤٢١ هـ) الناشر: دار ابن الجوزي الطبعة: الرابعة، ١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م عدد الأجزاء: ١.

1 / 32