هذا خلاف لا سبيل إلى تمحيصه؛ فإن ما يتعلق بنشأة السيد جمال الدين وحياته قبل اتصال الشيخ محمد عبده به سنة 1871م هو - على قلة مصادره - محاط بغموض واضطراب - كما قال الأستاذ براون.
ويدل على هذا قول الشيخ محمد عبده في فاتحة تعريبه لرسالة الرد على الدهريين: «يحملني على ذكر شيء من سيرة هذا الرجل الفاضل ما رأيناه من تخالف الناس في أمره، وتباعد ما بينهم في معرفة حاله، وتباين صوره في مخيلات اللاقفين لخبره، حتى كأنه حقيقة كلية تجلت في كل ذهن بما يلائمه، أو قوة روحية قامت لكل نظر بشكل يشاكله.»
ويرى أن السيد جمال الدين، وإن كان في الحقيقة فارسيا، فقد انتسب إلى الأفغان لأمرين: (1)
أن يكون من السهل عليه الظهور بمظهر السني لا الشيعي. (2)
أن يستطيع الخلاص من رقابة الحكومة الإيرانية لرعاياها في الخارج.
وقد عني والده بتربيته، فأيدت العناية به قوة فطرته.
وتلقى معارف جمة بين علوم عربية وعلوم شرعية وعلوم عقلية وفنون رياضية، ودرس نظريات الطب والتشريح.
أخذ جميع تلك الفنون عن أساتذة ماهرين، على الطريقة المعروفة في تلك البلاد، وعلى ما في الكتب الإسلامية المشهورة.
بدأ تعلمه في السنة الثامنة من عمره، واستكمل الغاية من دروسه في الثامنة عشرة.
ويقول جورج كوتشي: إن جمال الدين قد استرعى الأنظار منذ حداثة السن؛ بذكائه النادر، وميله الواضح إلى كل ما له صلة بالفنون العسكرية.
صفحه نامشخص