الناس وفرغوا وقد اجتمعت أشراف العرب أمر الملك ابنه ثعلبة بأمر فعصاه فضربه بالعنزة فوثب ثعلبة عليه فلطمه. فقال الملك: وأذلاّه يُلطم وجهي يوم مجدي. فوثب سائر أولاده وبنو عمه على ثعلبة ليقتلوه. فقال: لا تفعلوا فإن الرحمة سبقت له في قلبي قبل السخط ومع العجلة الندم ولكني سأعاقبه بما يكون لي نصفة منه. أبيع مالي وعقاري ولا أدع له شيئا ينقلب إليه وأنتقل من مأرب إلى غيرها. فقال أهل البلاد: اغتنموا غضبة عمرو فاشتروا منه جميع أموال. فلما أحرز أثمان أمواله أنتقل في ولده وولد ولده وسائر قومه وعشيرته. ثم أخرب الله السد بعد ذلك فأقلع الصخور والقصور الشجار والأنهار فرمى فيها الرمل. فلما رأى من كان تحت السد خرابه وإنهم لا يقدرون على شيء منه هربوا إلى قنن الجبال بالأهليين والأموال. وفاض الماء على السد لكثرة المطر. وخرج الماء من الخلل التي حفرها الفأر. وقد ذكر ذلك الأعشى حيث يقول:
وفي ذاك للمؤُتسي أسوة ... ومأرب عفّى عليها العرم
رجام بنته لهم حمير ... إذا جاء مؤازر لم يزم
فأروى الزروع وأعنابها ... على سعة ماؤهم إذ قُسم
فصاروا أيادي ما يقدرو ... ن منه على شرب طفل فُطم
كانوا كما قال الله تعالى وتبارك) وبدّلْناهُم بجنّتيهم جنّتين ذواتيْ أُكل خمْط وأثل وشيء من سدر قليل جزيناهم بما كفروا وهل نُجازي إلاّ الكفور (ويروى أن سيل العرم كان قبل الإسلام بأربعمائة سنة. قاله حمزة بن الحسن الأصفهاني. وفي رواية غيره أكثر من ذلك وهي الرواية الصحيحة. والله أعلم.
فصل
ولما خرب السد وخرج عمرو بن عامر مزيقياء في ولده وولد ولد وعدة من
1 / 24