الباب الثاني
ذكر قيام الدولة المنصورية
وأسبابها
قال علي بن الحسن الخزرجي وقد ذكرنا في السابق ما كان من قضاء الله وقدره في اختيار الملك سعود لمولانا الملك المنصور عمر بن علي بن رسولٍ نائبًا على اليمن كلهِ سهلهِ ووعرهِ برهِ وبحره وانفراده بالأمر دون سائر الأمراء المصرية وخلو اليمن من بقية بنى أمية وما جبله اله عليه من حسن السيرة وصلاح السريرة ومحبة الناس له وانقيادهم لأمره طوعًا وكرهًا. وكان مع هذا حازمًا عازمًا سريع النهضة حسن السيرة ثاقب الرأي عاقلًا وديعًا. وكان من ولائه السلطنة في اليمن على بشارات وإشارات. فمن ذلك ما يروى عنه أنه قال: أمسيت ليلة من الليالي مهمومًا لعارض لي. فلما مضجعي ومضى نحو من شطر الليل سمعت دويًّا في الهواء فرفعت رأسي وإذا عفريت يهرب من الشواظ حتى حط نفسه عندي وهو يلهث وكأنه معصرة من عظمهِ. فقمت من مضجعي فأخذت إداوة الماءِ فسكبتها في فيه. فلما اطمأن وزال عنه روعه قال أسفر وأبشر يا أبا الخطاب. بالملك من عدن إلى عيذاب ثم ذهب عني.
ويروى أن ثلاثة أقوام من الصالحين وصلوا إليه. فقال الأوّل: السلام عليك يا أتابك. فقال له: هو أخي وعليكم السلام ورحمة الله. فقال الثاني: أنت الأتابك وغير ذلك فقال: وما غير ذلك. فقال الثالث: سلطان لليمن وملكها من ذريتك إلى آخر الزمان.
وقال صاحب السيرة المظفرية: أخبرني الشيخ الصالح سليمان بن منصور بن
1 / 51