سمعت علي بن عبد الله السمرقندي يقول: سمعت أبا القاسم الحكيم يقول: من عرف نفسه كان عند الناس ذليلًا ومن عرف ربه كان عند الناس مجنونًا.
ولقد قال مشركو مكة في النبي ﷺ حين تحداهم إلى الايمان بالله: إنه مجنون وساحر وشاعر وكاهن. أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد بن هارون، قال: أنبأنا أحمد بن محمد بن نصر اللباد، قال: أنبأنا يوسف بن بلال عن محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، ﵄، أن الوليد بن المغيرة المخزومي قال حين حضر الموسم يا معشر قريش إن محمدًا رجل حلو الكلام، وقد أغار أمره في البلاد وأنجد، وإني لا آمن أن يصدقه الناس، فابعثوا رهطًا من ذوي الرأي والحجى إلى أنقاب مكة على مسيرة ليلة أو ليلتين، ليلقوا الناس، فمن يسأل عن محمد فليقل بعضهم أنه ساحر، وبعضهم أنه مجنون، وبعضهم أنه كاهن، وبعضهم أنه شاعر، إن لم تروه خير من أن تروه فبعثوا ستة عشر رجلًا في أربعة من الطرق في كل طريق أربعة نفر، وأقام الوليد بن المغيرة في مكة يقول لمن يسأل أنه كاهن ومجنون، ففعلوا ذلك فتصدع الناس عن قولهم، فشق ذلك على النبي ﷺ وكان يرجو أن يلقى الناس أيام الموسم، فيعرض عليهم أمره، فمنعه هؤلاء وفرحت قريش وقالوا للنبي ﷺ: هذا دأبنا ودأبك ما عشنا، فنزل جبريل ﵇ ورسول الله ﷺ في الحجر، فمر به الوليد بن المغيرة، فقال جبريل ﵇ للنبي ﷺ: كيف تجد هذا؟ فقال: بئس عبد الله هو. فأهوى جبريل بيده إلى كعبه، فقال: كفيت أمره، فمر الوليد بحائط فيه نبل لبني المصطلق وهم حي من خزاعة وعليه بردان يتبختر فيهما، فعلق سهم بإزاره فمنعته الخيلاء أن ينزعه منه، فنفض السهم، فأصاب أكحله فقتله، ومر به العاص بن وائل السهمي، فقال جبريل: كيف تجده؟ فقال: عبد سوء، فأهوى جبريل بيده إلى باطن قدمه، فقال: قد كفيت أمره. فركب حمارًا يريد الطائف فصرعه الحمار على شوك فدخلت شوكة باطن قدمه فتقيحت فقتلته. ومر به الحارث بن قيس بن عمرو بن ربيعة بن سهم، فقال جبريل: كيف تجد
1 / 9