ثم قال رضي الله عنه إنهم أولى بهذا الشيء وهو شيمتهم ولم يزالوا متفضلين وهذه معاملتهم مع أصحابهم وهي سجيتهم وكيف لا تكون سجيتهم وهم متخلقون بأخلاق مولاهم كما ورد ( تخلقوا بأخلاق الله ) فلا تخف منهم ضررا أيها السالك المصاحب لهم وتمسك بأذيالهم فإنهم القوم لا يشقى جليسهم فإذا عرفت ذلك أيها السالك فتخلق بأخلاقهم الكريمة وجد بالتفنى على الإخوان وغض الطرف عن عثرتهم تكن آخذا من أوصافهم أحسن هيئة قال رضي الله عنه
( وبالتفنى على الإخوان جد أبدا
حسا ومعنى وغض الطرف إن عثرا )
أي وتكرم على إخوانك وجد عليهم أبدا إما في الحس فببذل الأموال وإما في المعنى فبصرف همة الأحوال ولا تبخل عليهم بشيء يمكنك إيصاله إليهم فإن السماحة لب الطريق ومن تخلق بها فقد زال عن قلبه كل تعويق
قال الشيخ عبد القادر رضي الله عنه إخواني ما وصلت إلى الله تعالى بقيام ليل ولا صيام نهار ولا دراسة علم ولكن وصلت إلى الله بالكرم والتواضع وسلامة الصدر
فدل كلام الشيخ رضي الله عنه أن الكرم هو الأساس وأن التواضع يتم للسالك به الغراس فإذا تم له هذان الأمران سلم صدره من العلائق وزال عن طريقه كل عائق ولذلك ورد في الحديث ( إن في الجنة لغرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله تعالى لمن ألان الكلام وأطعم الطعام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام )
صفحه ۲۱۲