مجهول العنوان في لطيف الكلام
مجهول العنوان في لطيف الكلام
ژانرها
وإذا كان الغرض بقولنا: يرجع إلى الذات، ما نقوله: إن ما هو عليه في ذاته لا يصح أن يقتضي صفة ويستحيل حصولها. وإذا كانت تلك الصفة تتعلق بالوجود فيجب صحة الوجود، فذلك إنما يقتضي أن تكون الذات يصحعليه الوجود وقتا واحدا، فتحصل تلك الصفة. ولا يمكن أن يقال: إن ما هو عليه في ذاته، إذا اقتضى صحة حصول الصفة، فليس صحة حصولها في أخرى، فيجب صحة الوجود في كل حال حتى تحصل تلك الصفة، فذلك يبطل بما لا يصح بقاؤه. وقد اعتمد فيه على غير ذلك مما يعترضه ما لا يصح بقاؤه، وليس بواضح في نفسه. فإنه لو اتضح في نفسه لوجب القول بما لا يصح البقاء بمثله.
الفصل الرابع والسبعون في بيان الوقت الذي يصح منه تعالى إيجاد الجوهر وما الوقت الذي لا يصح
اعلم أن إيجاد الشيء لا يصح على الوجه الذي لا يصح وجوده عليه. وقد بينا أنه يستحيل وجود الحوادث على حد لا يكون تعالى متقدما لها بما لا أول له من الأوقات، لو كان أوقاتا، وكيف يصح ذلك وفيه أن القديم لم يتقدم المحدث إلا بأوقات محصورة فيجب حدوثه، وقول من قال: إذا امتنع ذلك على الحد الذي ذكرناه وصح في الأوقات المحصورة، فلا بد من فاصلة وأن تنتهي إلى وقت، نقول: لم يصح إيجاده له من قبل بعيد لأن الفاصلة في ذلك إنما يجب أن تكون على الجملة. فإن إيجاب فاصلة على ما قالوه يؤدي إلى نفي فاصلة. وقد بينا أنه يستحيل وجود ما لا نهاية له. ويصح وجود كل قدر متناه، ولا يصح إثبات فاصلة إلا على الجملة. فأما تقدم وجود الجوهر قبل أن وجدنا أوقات محصورة
فكان يصح، ويصح منه تعالى إيجاده وتقديمه إليها. وكذلك ما عداه فيما يصح عليه البقاء من مقدوراته تعالى. ولا يتعلق بما لا يصح عليه البقاء. وإنما قلنا بذلك لأن القادر قادر عليه ولا وجه معقول يحيل وقوعه. فإنما يمتنع تقديم المقدور، إما لأن صحة حدوثه تختص بوقت لأمر يرجع إلى القدرة، أو لأن صحة وجوده تختص بوقت أو لتعلق ذلك المقدور بما هذا حاله. وإنما لا يصح أن يقدم ما لا يصح بقاؤه للوجه الثاني، وإنما لا يصح أن يتقدم ما يتعلق وجوده بما لا يختص صحة وجوده بوقت، كما نقوله عن الاعتمادات في الجهات الأربعة، وهي الاعتمادات التي لا يصح بقاؤها. فإن في صحة إعادته صحة إعادة ما
لا يصح بقاؤه وهو الانتقال. والصحيح أن المسبب لا يصح وقوعه إلا عن السبب على ما قاله الشيخ أبو هاشم رحمه الله في الأبواب. وإن كان قد قال رحمه الله خلاف ذلك في الجامع.
الفصل الخامس والسبعون في صحة الإعادة على الجوهر وما يتصل بذلك
قد بينا أن الجواهر يصح عليها التقديم، وذلك يقتضي فيها صحة التأخير وأنه لا يختص وجوده وحدوثه بوقت. فإذا صح أن الموجد إيجاده في الوقت التي نقول: إنه بعيد، فتقدم وجوده من قبل لا تأثير له في امتناع وجوده، إذ لا يغير حال القادر وحال المقدور وما لا يصح بقاؤه فالإعادة عليه لا تصح لأن صحة حدوثه تختص بوقت أو تتعلق بالوقت
أو تتعلق بالقدرة التي لا يصح أن يفعل بها من الجنس الواحد في المحل الواحد في الوقت الواحد إلا جزءا واحدا، وذلك أنه يصح بتلكالقدرة في الوقت جزءا واحدا يفعل بها. فلو أعيد بتلك القدرة غير ذلك لكان قد صح بها أزيد من واحد. وما لا يصح الإعادة في سببه فإنما لا يصح ذلك لتعلقه بما يختص صحة وجوده بوقت. أيضا أحدنا قبل علمه بصحة الإعادة يصح أن يعلم كون القديم تعالى عالما بجميع المعلومات وغنيا، فيعلم أنه يفعل الواجبات وتجويزه لأن يكون الثواب واجبا لا يفعله كتجويزه أن لا يفعل سائر الواجبات في أنه يبطل، إذا نظر في الدلالة وعلم المدلول. فإذا صح أن المعتبر في كون زيد زيدا الأجزاء، فلا بد من إعادة الأجزاء، وإلم تجب الإعادة إلا فيما
ذكرناه مما معه يصح كونه حيا. فأما الأطراف والسمن وما يجري مجراهما، فلا يجب فيه الإعادة، وإذا صح أنه تعالى يعيد، بطل القول بأن الإعادة لا تصح في الجواهر.
الفصل السادس والسبعون يتصل بذلك
صفحه نامشخص