![image filename](./1171Shubrawi.CunwanBayan.pdf_page_128.png)
خرج من النهر أصابت الشمس الحزام واللبب6) ، فيبسا، واشتدا عليه، فورم عنقه ووسطه، واشتد الضرر عليه إلى ما به من الجوع، فلبت بذلك أياما إلى أن ضعف عن المشى فقعد، فمر به خنزير وهم بقتله، ثم عطفهآ عليه ما رأى به من الضعف، فسأله عن حاله، فأخبرة1) بما هو فيه من إضرار اللجام والسرج واللبب والحزام، وسأله أن يصطنع معه معروفا ويخلصه مما ايتلي به، فسأله الخنزير عن الذنب الذي استحق به تلك العقوبة، فزعم الفرس أنه لا ذتب له .
فقال الخنزير: كلا بل أنت كاذب في زعمك، أو جاهل بجرمك، فإن كنت يا فرس كاذبا فما ينبغي لى أن أنفس عنك خناقا، ولا أصطنع عندك معروفا، ولا أتخذك وليا، ولا ألتمس عندك شكرا، ولا أطلب فيك أجرا، فإنه كان يقال : احذر مقارنة ذوي الطباع المرذولة، لئلا يسرق طبعك من طباعهم وأنت لا تشعر، وكان يقال: أصعب ما يعانية الإنسان مماسة صاحب لا يتحصل منه على حقيقة، وكان يقال: لا تطمع في استصلاح(6) الرذل والحصول على مصافاته، فإن طباعه أصدق له منك، ولن يترلك طباعه من أجلك.
ثم قال له الخنزير : وإن كنت أيها الفرس جاهلا بجرمكك الذي استوجبت به هذه العقوية، فجهلك بذنبك أعظم منه، فإن من جهل ذنوبه أصر عليها فلم يرج فلاحه، وكان يقال: احذر الجاهل فإنه يجني على نفسه، ولست أحب إليه منها.
فقال الفرس للخنزير: ينبغي لك أن لا تزهد في اصطناع المعروف، فإن الدهر ذو صروف.
فقال الختزير: إني لست بزاهد فى ذلك، ولكنه كان يقال: العاقل يتخير المعروفه كما يتختر الباذر لبذره ما زكا من الأرض، فحدثني يا فرس عن ابتداء أمرلك فيما نزل بك، وعن حاليك قبل ذلك، لأعلم من أين دهيت.
صفحه ۱۲۶