الكتاب وقع الى الدوانيقي وكان سبب تغيره على أبي حنيفة.
وكان إبراهيم قد يلقب بأمير المؤمنين وعظم شأنه وأحب الناس ولايته وارتضوا سيرته، فقلق الدوانيقي لذلك قلقا عظيما، وندب اليه عيسى بن موسى من المدينة الى قتاله وسار ابراهيم من البصرة حتى التقيا بباخمرى- قرية قريبة من الكوفة- وانهزم عسكر عيسى بن موسى ... فيحكى ان ابراهيم نادى: لا يتبعن أحد منهزما، فعاد أصحابه فظن أصحاب موسى أنهم انهزموا فكروا عليهم فقتلوه وقتلوا أصحابه إلا قليلا. وقيل بل انهزم بعض عسكر عيسى على مسناة ملتوية فلما صاروا في عكها ظن أصحاب إبراهيم انه كمين قد خرج عليهم، ورفع ابراهيم البرقع عن وجهه فجاءه سهم غائر فوقع على جبهته فقال: الحمد لله أردنا أمرا وأراد الله غيره انزلوني. وكان آخر أمره، ولما اتصل بالمنصور انهزام عسكره وهو بالكوفة اضطرب اضطرابا شديدا وجعل يقول: فأين قول صادقهم أين لعب الغلمان والصبيان؟ ثم جاءه بعد ذلك خبر الظفر، وجيء برأس ابراهيم فوضعه في طشت بين يديه والحسن بن زيد بن الحسن بن علي (عليه السلام) واقف على رأسه عليه السواد فخنقته العبرة ، والتفت اليه المنصور وقال: أتعرف رأس من هذا؟ فقال: نعم:
فتى كان تحميه من الضيم نفسه
وينجيه من دار الهوان اجتنابها
فقال المنصور: صدقت ولكن أراد رأسي فكان رأسه أهون علي ولوددت انه فاء الى طاعتي.
وكان قتل ابراهيم- على ما قال أبو نصر البخاري- لخمس بقين من ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومائة وهو ابن ثماني وأربعين سنة، وقال أبو الحسن العمري: قتل في ذي الحجة من السنة المذكورة، وحمل ابن أبي الكرام الجعفري رأسه الى مصر 2. وعقب إبراهيم من ابنه
1 الحسن
لا عقب له من غيره وباقي أولاده بين دارج ومنقرض، وأم الحسن امامة بنت عصمة العامرية من بني جعفر بن كلاب وكان وجيها مقدما طلبت له زوجته امانا من المهدي لما حج فأعطاها إياه، وكان المنصور الدوانيقي قد بالغ في طلبه وطلب عيسى بن زيد بعد قتل ابراهيم فلم يقدر عليهما 2.
صفحه ۱۰۰