عبدود يوم الخندق، وقبض على عبد الرحمن المغيرة بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب ضربه على وجهه فصرعه وأقبل به الى الحسنين (عليهما السلام) فأمر أمير المؤمنين بحبسه وقال:
أطعموه واسقوه فان أعش فأنا ولي دمي وأن أمت فاقتلوه ضربة بضربة
. وقد صح الحديث
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: قاتل علي أشقى هذه الأمة.
وقبض ليلة الأحد ليلة أحد وعشرين من رمضان وله يومئذ ثلاث وستون سنة، وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن العباس ودفن في ليلته قبل انصراف الناس من صلاة الصبح
وقد اختلف الناس في موضع قبره والصحيح أنه في الموضع المشهور (1) الذي يزار فيه اليوم.
فقد روي: أن عبد الله بن جعفر سئل: أين دفنتم أمير المؤمنين؟ قال: خرجنا به حتى اذا كنا بظهر النجف دفناه هناك
. وقد ثبت أن زين العابدين وجعفر الصادق وابنه موسى (عليهم السلام) زاروه في هذا المكان، ولم يزل القبر مستورا لا يعرفه إلا خواص أولاده ومن يثقون به بوصية كانت منه- (عليه السلام)- لما علمه من دولة بني أمية من بعده واعتقاداته وما ينتهون اليه فيه من قبح الفعال والمقال بما تمكنوا من ذلك؛ فلم يزل قبره- (عليه السلام) مخفيا حتى كان زمن الرشيد هارون بن محمد بن عبد الله العباسي فانه خرج ذات يوم الى ظاهر الكوفة يتصيد وهناك حمر وحشية وغزلان، فكان كلما ألقى الصقور والكلاب عليها لجأت الى كثيب رمل هناك فترجع عنها الصقور؛ فتعجب الرشيد من ذلك ورجع الى الكوفة وطلب من له علم بذلك فأخبره بعض شيوخ الكوفة أنه قبر أمير المؤمنين علي (عليه السلام).
صفحه ۵۸