ثم إنهم جمعوا كبراءهم ومضوا إلى القلعة إلى الوالي، وقالوا: نشتهي أن يحضر الحافظ عبد الغني، وكان مشايخنا قد سمعوا بذلك، فانحدروا إلى دمشق؛ خالي الإِمام موفق الدين، وأخي الإِمام الشمس البخاري وجماعة الفقهاء، وقالوا: نحن نناظرهم.
وقالوا للحافظ: اقعد أنت لا تجئ؛ فإنك حادٌّ، ونحن نكفيك، فاتفق أنهم أرسلوا إلى الحافظ من القلعة وحده فأخذوه، ولم يعلم أصحابنا بذلك، فناظروه، وكان أجهلهم يغرى به، فاحتد.
وكانوا قد كتبوا شيئًا من اعتقاداتهم، وكتبوا خطوطهم فيه، وقالوا له: اكتب خطك، فأبى، ولم يفعل.
فقالوا للوالي: الفقهاء كلهم قد اتفقوا على شيء وهو يخالفهم، وكان الوالي لا يفهم شيئًا، فاستأذنوه في رفع منبره، فأرسلوا الأسرى، فرفعوا ما في جامع دمشق من منبر وخزانة ودرابزين. وقالوا: نريد أن لا تجعل في الجامع إلا صلاة أصحاب الشافعي، وكسروا منبر الحافظ، ومنعوه من الجلوس، ومنعوا أصحابنا من الصلاة في مقامهم في الجامع (١)، ففاتتهم صلاة الظهر!
ثم إن الناصح ابن الحنبلي جمع السوقة وغيرهم، وقال: إن لم يخلونا نصلي باختيارهم صلينا بغير اختيارهم، فبلغ ذلك القاضي (٢) -وهو كان