٥ - إِفادته
قال الضياء: كان الحافظ ﵀ مجتهدًا على طلب الحديث، وسماعه للناس من قريب وغريب، فكان كل غريب يأتي يسمع عليه، أو يعرف أنه يطلب الحديث يكرمه ويبره، ويحسن إليه إحسانًا كثيرًا، وإذا صار عنده طالب يفهم شيئًا أمره بالسفر إلى المشايخ بالبلاد، ويفرح لهم بسماع ما يحصلونه، وأحيى الله به حديث رسول الله ﷺ، فمن سمع حديثًا من أصحابنا كان بسببه، ومن كان من غير أصحابنا كان طلبهم حسدًا له؛ لما يرون من حرصه، وكثرة طلبه.
سمعت أبا إسحاق؛ إبراهيم بن محمد الحافظ يقول: ما رأيت الحديث في الشام كلّه إلا ببركة الحافظ؛ فإنني كل من سألته يقول: أول ما سمعت على الحافظ عبد الغني، وهو الذي حرّضني.
وسمعت أبا موسى ابن الحافظ يقول: أوصاني أبي عند موته: لا تضيعوا هذا العلم الذي تعبنا عليه. يعني: الحديث.
وحرَّضني على السفر إلى مصر، وسافر معنا ولده أبو سليمان وله نحو عشر سنين، وبعث معنا "المعجم الكبير" للطبراني، وكتاب البخاري، و"السيرة"، وكتب إلى زين الدين علي بن نجا يوصيه بنا.
وسيَّر قبلنا ولديه محمدًا وعبد الله إلى أصبهان، وكان عبد الله صغيرًا، ثم سفَّر إسماعيل بن ظفر إلى أصبهان، وزوّده، وأعطاه ما احتاج إليه، وقبل ذلك حرَّض أبا الحجاج، يوسف بن خليل على السفر.
قال الذهبي: هو رحَّل ابن خليل إلى أصبهان، ورحل ابنيه العز محمدًا
المقدمة / 39