أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَفَّانَ، وَمِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ هَمَّامٍ.
[٩] أَخْبَرَنَا طَرَّادٌ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ قِرَاءَةً، أنا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصفَّار، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادي، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَعْطَى رِجَالا، وَلَمْ يعطِ رِجَالا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطَيْتَ فُلانًا، وَتَرَكْتَ فُلانًا، فَلَمْ تُعْطِهِ، وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَقَالَ ﷺ: "أَوَ مُسْلِمٌ؟ ". فَأَعَدْتُهَا ثَلاثًا، وَهُوَ يَقُولُ: "أَوَ مُسْلِمٌ؟ ". قَالَ: "إِنِّي لأُعْطِي رجالًا وأدع من أهو أَحَبُّ إليَّ مِنْهُمْ ١ مَخَافَةَ أَنْ يُكَبُّوا فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ"، أو قال: "على مناخرهم" ٢.
_________
[٩] خ "١/ ٢٥" "١" كتاب الإيمان - "١٩" باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة، وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل - من طريق أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري به. رقم "٢٧". "طرفه: ١٤٧٨".
م "١/ ١٣٢" "١١" كتاب الإيمان - "٦٦" باب تألف من يخاف على إيمانه لضعفه، والنهي عن القطع بالإيمان من غير دليل قاطع - من طريق ابن أبي عمر، عن سفيان، عن الزهري به. رقم "٢٣٦".
ومن طريق زهير بن حرب، عن يعقوب بن إبراهيم، عن ابن شهاب به. رقم "٢٣٧".
١ "إني لأعطي رجلًا، وأدع ... " إلخ، معناه: أعطي مَن أخاف عليه لضعف إيمانه أن يكفر، وأدع غيره ممن هو أحب إليَّ منه؛ لما أعلمه من طمأنينة قلبه وصلابة إيمانه.
٢ قال الإمام النووي في فقه هذا الحديث:
وأما فقهه ومعانيه ففيه الفرق بين الإسلام والإيمان، وفي هذه المسألة خلاف وكلام طويل، وفيه دلالة لمذهب أهل الحق في قولهم: إن الإقرار باللسان لا ينفع إلا إذا اقترن به الاعتقاد بالقلب، خلافًا للكرامية وغلاة المرجئة في قولهم: يكفي الإقرار، وهذا خطأ ظاهر يرده إجماع المسلمين والنصوص في إكفار المنافقين وهذه صفتهم، وفيه الشفاعة إلى ولاة الأمور فيما ليس بمحرم، وفيه مراجعة المسئول في الأمر الواحد، وفيه تنبيه المفضول الفاضل على ما يراه مصلحة، وفيه أن الفاضل لا يقبل ما يشار عليه به مطلقًا بل يتأمله؛ فإن لم تظهر مصلحته لم يعمل به، وفيه الأمر بالتثبت وترك القطع بما لا يعلم القطع فيه، وفيه أن الإمام يصرف المال في مصالح المسلمين الأهم فالأهم، وفيه أنه لا يقطع لأحد بالجنة على التعيين إلا من ثبت فيه نص كالعَشَرة وأشباههم، وهذا مجمع عليه عند أهل السنة، وأما قوله ﷺ: "أو مسلم؟ " فليس فيه إنكار كونه مؤمنًا؛ بل معناه النهي عن القطع بالإيمان وأن لفظة الإسلام أولى به؛ فإن الإسلام معلوم بحكم الظاهر، وأما الإيمان فباطن لا يعلمه إلا الله تعالى، وقد زعم صاحب التحرير أن هذا الحديث إشارة إلى أن الرجل لم يكن مؤمنًا، وليس كما زعم؛ بل فيه إشارة إلى إيمانه؛ فإن النبي ﷺ قال في جواب سعد ...
"شرح النووي على مسلم ١/ ٥٤٠، ٥٤١".
1 / 38