177

عمده در محاسن شعر و آداب آن

العمدة في محاسن الشعر وآدابه

ویرایشگر

محمد محيي الدين عبد الحميد

ناشر

دار الجيل

شماره نسخه

الخامسة

سال انتشار

١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م

يعز على الأوس بن تغلب موقف ... يسل علي السيف فيه وأسكت
وما حزني أني أموت وأنني ... لأعلم أن الموت شيء مؤقت
ولكن خلفي صبية قد تركتهم ... وأكبادهم من حسرة تتفتت
كأني أراهم حين أنعى إليهم ... وقد خمشوا تلك الوجوه وصوتوا
فإن عشت عاشوا خافضين بنعمة ... أذود الردى عنهم وإن مت موتوا
فكم قائل: لا أبعد الله داره ... وآخر جذلان يسر ويشمت
فعفا عنه المعتصم وأحسن إليه، وقلده عملًا.
وعلي بن الجهم هو القائل وقد صلب عريانًا:
لم ينصبوا بالشاذياخ عشية ال ... اثنين مغلولًا ولا مجهولا
نصبوا بحمد الله ملء عيونهم ... حسنًا، وملء قلوبهم تبجيلا
ما ضره أن بز عنه لباسه ... فالسيف أهول ما يرى مسلولا
وهذا من جزل الكلام، لا سيما في مثل ذلك المقام، وكان علي من الفضلاء علمًا بالشعر وصناعة له.
حكي عن علي بن يحيى أنه قال: كنت عند المتوكل إذ أتاه رسول برأس إسحاق بن إسماعيل، فقام علي بن الجهم يخطر بين يديه ويقول:
أهلًا وسهلًا بك من رسول ... جئت بما يشفي من الغليل
برأس إسحاق بن إسماعيل
قال المتوكل: قوموا التقطوا هذا الجوهر لا يضيع.
والشاعر الحاذق المبرز إذا صنع على البديهة قنع منه بالعفو اللين، والنزر التافه؛ لما فيها من المشقة، وهو في الارتجال أعذر.
واشتقاق البديهة من بده بمعنى بدأ، أبدلت الهمزة هاء كما أبدلت في أشياء

1 / 195