"لقد شهدت كذا، وكذا زحفا، وما في جسدي موضع إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح، أو رمية سهم، ثم هأنذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء".
- وكان أبو محجن الثقفي مولعا بالشراب، مشتهرا به، وكان سعد بن أبي وقاص حبسه فيه، فلما كان يوم القادسية وبلغه ما يفعل المشركون بالمسلمين، وهو عند أم ولد لسعد، قال:
كفى حزنا أن تطعن الخيل بالقنا ... وأترك مشدودا علي وثاقيا
إذا قمت عناني الحديد وغلقت ... مغاليق من دوني تصم المناديا
وقد كنت ذا أهل كثير وإخوة ... فقد تركوني واحدا لا أخا ليا
هلم سلاحي، لا أبا لك، إنني ... أرى الحرب لا تزداد الا تماديا
فقالت له أم ولد سعد: "أتجعل لي إن أنا أطلقتك أن ترجع حتى أعيدك في الوثاق؟! " قال: "نعم"، فأطلقته، وركب فرسا لسعد بلقاء، وحمل على المشركين، فجعل سعد يقول: "لولا أن أبا محجن في الوثاق لظننت أنه أبو محجن وأنها فرسي"، وانكشف المشركون، وجاء أبو محجن فأعادته في الوثاق، وأتت سعدا فأخبرته، فأرسل إلى أي محجن فأطلقه، وقال: "والله لا حبستك فيها أبدا"، قال أبو محجن: "وأنا والله لا أشربها بعد اليوم أبدا".
- وعن قتادة أن عامر بن قيس لما حضر جعل يبكي، فقيل له: ما يبكيك؟ قال.: "ما أبكي جزعا من الموت، ولا حرصا على الدنيا، ولكن أبكي على ظمإ الهواجر، وعلى قيام ليالي الشتاء".
- وذكروا لشعبة حديثا لم يسمعه، فجعل يقول: "واحزناه! "، وكان يقول: "إني لأذكر الحديث، فيفوتني، فأمرض".
صفحه ۳۹