(والسبب الذي يجعل كثيرا من الناس يطلبون الأدنى من الأمور، ويقصدون ما لا يملك لهم ضرا ولا نفعا -فساد العلم، وكثرة الجهل، وضعف الهمة، فكلما صح العلم، وانتفى الجهل، وصحت العزيمة، وعظمت الهمة؛ طلب الإنسان معالي الأمور، فبعض الناس همه لقمة يسد بها جوعته، وشربة روية تذهب ظمأه، ولباس يواري سوأته- وهو مذهب ذم أهل الجاهلية أصحابه، وفي مثل هؤلاء يقول حاتم طيىء لحى (¬1) الله صعلوكا (¬2) مناه وهمه ... من العيش أن يلقى لبوسا ومطعما
يرى الخمص (¬3) تعذيبا وإن يلق شبعة ... يبت قلبه من قلة الهم مبهما (¬4)
ومن الناس من يكون مطلبه التمتع بمتاع الحياة الدنيا كحال طرفة بن العبد)، فقد قيل له: ما أطيب عيش الدنيا؟ فقال: "مطعم شهي، وملبس دفي، ومركب وطي" وقال أيضا مبينا غايته من الحياة:
(ولولا ثلاث هن من عيشة الفتى ... وجدك (¬5) لم أحفل متى قام عودي (¬6)
فمنهن سبقي العاذلات (¬7) بشربة ... كميت (¬8) متى ما تعل بالماء تزبد (¬9)
صفحه ۲۰