البنين، واسمها فاطمة، وكانت امرأة فقيهة صالحة، ربت حفيدها منذ نعومة أظفاره على الإيمان والاستقامة وطاعة الله ﷿، يقول المؤلف عن دور هذه الجدة في تنشئته النشأة الصالحة:
"وعلمتني الصلاة وأمرتني بها وأنا ابن خمس سنين، فكنت أصلي إذ ذاك، وأدخلتني الكتاب في هذه السن، فكانت تعلمني التوحيد والتوكل والإيمان والديانة بطريق عجيب، وذلك أنها كانت في بعض الأيام تهيئ لي طعاما، فإذا جئت من الكتاب للفطور، تقول: ما عندي شيء، ولكن الرزق في خزائن مولانا ﷿، اجلس نطلب الله، فتمد يديها، وأمد يدي إلى السماء داعين ساعة، نم تقول: انظر لعل الله جعل في أركان البيت شيئا ...، فنقوم نفتش أنا وهي، فإذا عثرت على ذلك يعظم فرحي به، وبالله الذي فتح به، فتقول: تعال نشكر الله قبل أن نأكله، لأجل أن يزيدنا مولانا، فنمد أيدينا ونأخذ في الحمد والشكر ساعة، ثم نتناوله، ونفعل ذلك المرة بعد المرة، حتى عقلت" (١).
وكانت تحدثه بدل الخرافات التي اعتاد العجائز أن يسلوا بها الصغار بمعجزات رسول الله (ص) وسيرته المباركة، وغزواته، وسيرة السلف الصالح، وكراماتهم، لتكون قدوة له ومثلا في بلوغ مراتبهم، والتأسي بسيرتهم، وكانت كثيرا ما تردد عليه قولتها: لا بد من تعلم القراءة للدين، والصناعة للمعاش، فتربى زروق بذلك على الجد والمثابرة، وحفظ القرآن في سن العاشرة، وهو الوقت الذي توفيت فيه جدته، فتوجه لتعلم صنعة الخرازة، وتكسب منها زمنا، ثم تركها.
طلبه للعلم:
وفي سن السادسة عشر تحول إلى طلب العلم، وكانت جامعة القرويين حينئذ منارة العلوم الإسلامية بفاس - بلد المؤلف- تعج بكبار العلماء والشيوخ، فدرس بها المؤلف بعض أمهات كتب الفقه المالكي، وعلوم القرآن
_________
(١) الكناش للمؤلف، بواسطة (أحمد زروق والزروقية) ص ٢٥.
1 / 8