العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار

ابن العطار d. 724 AH
103

العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار

العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار

ناشر

دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

محل انتشار

بيروت - لبنان

ژانرها

وأما أبو هريرة، فتقدم. وأما الغُرَّةُ، فهي البياض في الوجه، والتَّحجيلُ: بياضٌ في اليدين والرّجلين، وأصله في اللغة: البياضُ في جبهة الفرس ويديها ورجليها (١)، ثمَّ استعملَهُ ﷺ في العلامة التي تكون على المؤمنين يوم القيامة في مواضع الوضوء، وهي نور، وسمَّاه غرةً وتحجيلًا من آثار الوضوء، والمرادُ به في الغرة: غسلُ شيءٍ من مقدم الرأس وما يجاوزُ الوجهَ زائدٍ على الجزء الذي يجبُ غسلُه لاستيعابِ كمالِ الوجه، وفي التَّحجيل: غسلُ ما فوقَ المرفقين والكعبين، وهو مستحب بلا خلاف، وادعَى الإمامُ أبو الحسن بن بطَّالٍ المالكي، ثم القاضي عياض اتفاقَ العلماء على أنه لا يُستحبُّ الزيادة فوق المرفقِ والكعبِ، وهي دعوى باطلة؛ فقد ثبت فعل ذلك عن رسول الله ﷺ، وأبي هريرة، وعمل العلماء وفتواهم عليه، فهما محجوجان بذلك، واحتجاجهما بقوله ﷺ: "مَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أو نَقَصَ، فَقَدْ أسَاءَ وَظَلَمَ" (٢) غيرُ صحيح؛ لأن المرادَ به الزّيادةُ في عدد المراتِ أو النقصُ عن الواجبِ، أو الثواب المرتب على نقص العدد، لا الزّيادة على تطويل الغرة والتَّحجيل -والله أعلم-. وأما حدُّ الزائِدِ، فقالَ بعضُ أصحابِ الشَّافعيّ: لا حد له، وقال بعضُهم: حده نصفُ العَضُدِ والساقِ، وقال بعضُهم: إلى الركبتين والمنكِب، والأحاديثُ تقتضي ذلك كله. [وقد استعمل أبو هريرة ﵁ الحديثَ على إطلاقه، فظاهرُه في إطالة الغرة والتحجيل -والله أعلم-] (٣). وقوله: "يُدْعَوْنَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ"، يحتمل أَنْ يكونَ منصوبًا على المفعولية

(١) انظر: "الفائق في غريب الحديث" للزمخشري (٣/ ٦٢)، و"مختار الصحاح" (ص: ١٩٧)، و"لسان العرب" لابن منظور (٥/ ١٤)، (مادة: غرر) و(مادة: حجل). (٢) تقدم تخريجه. (٣) ما بين معكوفين لس في "ح".

1 / 107