Critiquing the Foundations of the Rationalists
نقض أصول العقلانيين
ناشر
دار علوم السنة
ژانرها
فإن هذه الألغاز التي ابتدعتها المجامع المقدسة في شأن الألوهية لم تكن «معقولة» ولا مستساغة. فما يمكن للعقل البشري أن يتصور ثلاثة أشياء هي ثلاثة وهي واحد في ذات الوقت. وما يمكن أن يتصور أن الله ﷾ ظل متفردًا بالألوهية وتدبير شأن هذا الكون ما لا يحصى من الزمان، ثم إذا هو –فجأة- يوجد كائنًا آخر ليكون شريكًا له في الألوهية ومعينًا له في تدبير الكون!! تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
ومن أجل كون هذا العبث «المقدس!» الذي ابتدعته المجامع «المقدسة!» غير معقول ولا مستساغ فقد سخرت الكنيسة «العقل» في محاولة إخراج هذا المزيج المتنافر المتناقض في صورة «فلسفية» مستساغة (أو هم قالوا عنها إنها مستساغة!) وفي الوقت ذاته حجرت على العقل أن يناقشها، لئلا تجر المناقشة إلى القول بأنها غير معقولة على الرغم من كل الصناعة «العقلية» وضعت فيها!.
ومن ثم نشأت في الفكر الأوروبي تلك «المسلمات» أو العقائد المفروضة فرضًا التي لا يجوز مناقشتها لا لأنها – في حقيقتها – من الأمور التي ينبغي للعقل أن يسلم بها دون مناقشة، ولكن لأنها مناقضة للعقل، ومفروضة عليه فرضًا من قبل رجال الدين، الذين زعموا لأنفسهم حق صياغة العقائد وفرضها على الناس بالقوة دون أن يكون لهم حق المناقشة أو الاعتراض وإلا كانوا مهرطقين مارقين. يجوز فيهم كل شيء حتى إهدار الدم وإزهاق الأرواح – كما مر بنا من شأن محاكم التفتيش التي قال عنها «ويلز» في كتابه «معالم تاريخ الإنسانية (ص ٩٠٢-٩٠٣ من الترجمة العربية) .
1 / 45