Correct Statement on the Issue of Traveling
صحيح المقال في مسألة شد الرحال
ناشر
الجامعة الإسلامية
شماره نسخه
السنة الحادية عشرة-العدد الثالث
سال انتشار
ربيع الأول ١٣٩٩هـ/ ١٩٧٨م
محل انتشار
المدينة المنورة
ژانرها
الْبقْعَة الَّتِي يحلونَ فِيهَا، إِنَّمَا المُرَاد زِيَارَة الْأَشْخَاص الْأَحْيَاء بِأَيّ مَكَان حَلّوا.
أما زِيَارَة الْقُبُور لتذكر الْآخِرَة وَدون شدّ رَحل؛ فجائزة، وَمن زارها لهَذَا الْغَرَض فليدعُ لأصحابها على الْعُمُوم اقْتِدَاء بِالنَّبِيِّ ﷺ.
فَهَؤُلَاءِ أَصْحَاب رَسُول الله ﷺ الَّذين سمعُوا الحَدِيث مِنْهُ مُبَاشرَة - قد فَهموا مِنْهُ أَن النَّهْي فِي هَذَا الحَدِيث يعم جَمِيع الْبِقَاع وَلَا يخْتَص بالمساجد؛ فالطور الَّذِي أنكر أَبُو بصرة على أَنِّي هُرَيْرَة إِتْيَانه وَالسّفر إِلَيْهِ لَيْسَ بِمَسْجِد، وَلكنه مَكَان من الْأَمْكِنَة، وَأَبُو هُرَيْرَة يقره على إِنْكَاره وَلَا يرد عَلَيْهِ، وَفِي الْأَثر الثَّانِي يُفْتِي عبد الله بن عمر من استفتاه فِي السّفر إِلَى الطّور فَيَقُول: "دع الطّور لَا تأته"، وكل مِنْهُمَا يسْتَدلّ بِحَدِيث: "لَا تشد الرّحال.."، أفيقول أحد بعدهمْ إِنَّه أعلم باللغة أَو بِالشَّرْعِ من أَصْحَاب رَسُول الله ﷺ؟
أَو يظنّ بِأحد أَنه أعلم مِنْهُم؟.. وَحَتَّى لَو حاول أحد التشكيك فِي أَسَانِيد هَذِه الْأَخْبَار فَإِنَّهُ - أَولا - لَا سَبِيل لَهُ إِلَى ذَلِك، ثَانِيًا لَو فعل لطالبناه بِأَن يقدم لنا أَسَانِيد صَحِيحَة إِلَى من نسب عَنهُ، حَتَّى يعلم أَن طلب الْإِثْبَات منوطه إِلَيْهِ كَغَيْرِهِ، وَأَن مُجَرّد الدَّعَاوَى بِدُونِ بَيِّنَات لَا يُفِيد شَيْئا، وَلَا سَبِيل لَهُ إِلَى ذَلِك أَيْضا، بل مُجَرّد نقُول فِي الْكتب قل إِن تثبت إِلَى من نسبت إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ مَا نقل من الإجماعات المزعومة.
الْخطر على عقيدة التَّوْحِيد فِي الْقُبُور لَا فِي الْمَسَاجِد:
السُّؤَال موجه إِلَى من يَقُول بِمَنْع زِيَارَة الْمَسَاجِد وَإِبَاحَة أَو مَشْرُوعِيَّة زِيَارَة الْقُبُور نقُول فِيهِ:
مَعْلُوم أَن أَحْكَام الشَّرْع لَا تَأتي إِلَّا لحكمة، وَهَذِه الْحِكْمَة قد تكون مَنْصُوصا عَلَيْهَا وَقد لَا ينص عَلَيْهَا، وَقد تدْرك بِالِاجْتِهَادِ وَقد لَا تدْرك، وَقد تدْرك جزما وَقد تدْرك ظنا، وعَلى كل حَال أَحْكَام الشَّرْع لَهَا حكم ووارده لعلل إِمَّا تَحْصِيل مصَالح وَإِمَّا دفع مفاسد.
فَهَل تتصورون أَن من الْحِكْمَة منع زِيَارَة الْمَسَاجِد بشد الرّحال وَإِبَاحَة أَو مَشْرُوعِيَّة زِيَارَة الْقُبُور وَلَو بشد الرّحال؟.. ألستم تعلمُونَ أَن فتْنَة بني آدم ووقوعهم فِي الشّرك بِاللَّه وَعبادَة المخلوقين كَانَ منشؤها الغلو فِي الْأَمْوَات من الصَّالِحين؟.. وَلَا يزَال الْأَمر كَذَلِك حَتَّى ساعتنا هَذِه؛ فَفِي بعض الْبِلَاد الإسلامية لَا تَجِد مَسْجِدا تصلي فِيهِ إِلَّا ومبني على قبر، وَقد يكون هَذَا الْقَبْر قد اتخذ وثنا يعبد من دون الله، كالضريح الْمَنْسُوب للحسين، والمنسوب للسيدة زَيْنَب والبدوي، و.. و.. وَإِلَى مَالا يُحْصى فِي مصر وَغَيرهَا من آلَاف الأضرحة والقباب المقامة على الْقُبُور وَعَلَيْهَا الْمَسَاجِد الَّتِي لعن رَسُول الله ﷺ من بناها، وأبطل صَلَاة من صلى فِيهَا، وَذَلِكَ على مسمع ومرأى من الْعلمَاء أَو المحسوبين على الْعلمَاء من أَصْحَاب الشَّهَادَات الْكَبِيرَة، بل إِن من هَؤُلَاءِ بعض المنتسبين إِلَى الْعلم قد يشاركون الْعَوام فِي عبَادَة الْأَمْوَات بِالْحَجِّ إِلَى قُبُورهم وَالطّواف، حول مقاصيرهم وَيطْلبُونَ مِنْهُم مَالا يملكهُ إِلَّا الله معتقدين أَنهم يملكُونَ النَّفْع والضر،
1 / 206