122

Constancy and Inclusiveness in Islamic Law

الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

ناشر

مكتبة المنارة

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م

محل انتشار

مكة المكرمة - المملكة العربية السعودية

ژانرها

وكما لا يُسوى بين المندوب والواجب حتى لا تتغيّر الأحكام وتتبدّل كذلك لا يُسوى بين المباحات والمندوبات ولا بينها وبين الكروهات، قال الإِمام الشاطبي: "المباحات من حقيقة استقرارها مباحات أنْ لا يُسوى بينها وبين المندوبات ولا المكروهات" (١).
و"المكروهات من حقيقة استقرارها مكروهات أن لا يسوى بينها وبين المحرمات ولا بينها وبين المباحات" (٢).
ومن أمثلة ذلك: قول النبي ﷺ عن كراهيته لأكل الضب: " ... لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه" (٣)، وأُكِلَ على مائدته فأقر ذلك، فظهر أنه مباح الأكل، فلمْ يُسو بينه وبين الحرام أو المكروه، وكذلك المكروهات لو سُوّي بينها وبين المحرمات لتوهمها الناس محرمات فإذا طال عليهم العهد صيّروا تركها واجبًا (٤).
وهذا التقرير من الإِمام الشاطبي حسن، ولا يُقال إن في ذلك ارتكابًا للمكروه أو تركًا لمندوب. فقد أجاب ﵀: بأن البيان آكد، وذلك أن المحافظة على استقرار الأحكام - بحيث يبقى الحرام حرامًا فلا يلتبس بغيره من الأحكام الأخرى، ويبقى الواجب واجبًا فلا يلتبس بغيره، وكذلك المندوب والمكروه والمباح - المحافظة هذه آكد لأنها بيان -ممن يُقْتدى بهم- لازم لاستقرار أحكام الشريعة (٥)، وبعدم تحقق ذلك يتحقق الضد وهو عدم استقرار الأحكام فيلْحقها التغيير والتبديل، فيكون المندوب واجبًا وهو ليس كذلك وهكذا في بقية الأحكام.

(١) الموافقات ٣/ ٢١١.
(٢) الموافقات ٣/ ٢١٢.
(٣) الحديث قطعة من حديث ابن عباس عن خالد ﵃، كتاب الذبائح والصيد، باب الضب من صحيح البخاري بشرح فتح الباري ٩/ ٦٦٢ - ٦٦٣.
(٤) الموافقات ٣/ ٢١٢.
(٥) الموافقات ٣/ ٢١٢ - ٢١٣.

1 / 124