شرح حديث جبريل في تعليم الدين
شرح حديث جبريل في تعليم الدين
ناشر
مطبعة سفير،الرياض
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
الرابعة: في هذه القصة أنواع من الأدب، منها اكتناف أحد هذين الرَّجلين عبد الله بن عمر، فصار واحدٌ منهما عن يمينه، وواحد عن يساره، وفي ذلك قُرب كلِّ واحد منهما منه للتمكُّن من وعي ما يقوله ﵁، ومنها مخاطبته بالكنية، وهو من حسن الأدب في الخطاب، ومنها مراعاة حقِّ الصاحب وعدم سبقه إلى الحديث إلاَّ إذا فهم منه ما يُشعر رضاه بذلك، ولعلَّ يحيى بن يَعمر رأى أنَّ صاحبَه سكت ولم يبدأ بالكلام مع عبد الله بن عمر، ففهم منه أنَّه ترك الحديث له.
الخامسة: أنَّ الاستفتاءَ وأخذَ العلم عن العالم كما يكون في حال جلوسه، يكون أيضًا في حال مشيه؛ لأنَّ هذين التابعيين سألاَ ابنَ عمر ﵄ وأجابهما على ما سألاَ وهو يمشي، وفي صحيح البخاري في كتاب العلم: "باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها"، و"باب السؤال والفتيا عند رمي الجمار".
السادسة: في جواب ابن عمر ﵄ لهذين السائلَين بيان خطورة بدعة القول بنفي القدر السابق، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (١/١٠٣ - ١٠٤): "والإيمان بالقدر على درجتين:
إحداهما: الإيمانُ بأنَّ الله تعالى سبق في علمه ما يعمله العباد من خير وشرٍّ وطاعة ومعصية قبل خلقهم وإيجادهم، ومَن هو منهم من أهل الجنَّة، ومن أهل النار، وأعدَّ لهم الثواب والعقاب جزاء لأعمالهم قبل خلقهم وتكوينهم، وأنَّه كتب ذلك عنده وأحصاه، وأنَّ أعمال العباد تجري على ما سبق في علمه وكتابه.
والدرجة الثانية: أنَّ الله تعالى خلق أفعال عباده كلَّها من الكفر والإيمان والطاعة والعصيان، وشاءها منهم، فهذه الدرجة يثبتها أهل
1 / 11