بیست داستان از شاهکارهای شکسپیر
عشرون قصة من روائع شكسبير
ژانرها
تمهيد
نبذة مختصرة عن حياة شكسبير
حلم ليلة منتصف صيف
العاصفة
كما تشاء
حكاية الشتاء
الملك لير
الليلة الثانية عشرة
ضجة فارغة
روميو وجولييت
صفحه نامشخص
بيريكليز
هاملت
سيمبلين
ماكبث
كوميديا الأخطاء
تاجر البندقية
تيمون الأثيني
عطيل
ترويض النمرة
الصاع بالصاع
صفحه نامشخص
نبيلان من فيرونا
العبرة بالخواتيم
اقتباسات من أعمال شكسبير
تمهيد
نبذة مختصرة عن حياة شكسبير
حلم ليلة منتصف صيف
العاصفة
كما تشاء
حكاية الشتاء
الملك لير
صفحه نامشخص
الليلة الثانية عشرة
ضجة فارغة
روميو وجولييت
بيريكليز
هاملت
سيمبلين
ماكبث
كوميديا الأخطاء
تاجر البندقية
تيمون الأثيني
صفحه نامشخص
عطيل
ترويض النمرة
الصاع بالصاع
نبيلان من فيرونا
العبرة بالخواتيم
اقتباسات من أعمال شكسبير
عشرون قصة من روائع شكسبير
عشرون قصة من روائع شكسبير
تأليف
إديث نسبيت
صفحه نامشخص
ترجمة
مصطفى محمد فؤاد
مراجعة
هبة عبد العزيز غانم
ويليام شكسبير.
تمهيد
لقد وصفت كتابات شكسبير على نحو صائب بأنها «الأكثر ثراء ونقاء وروعة من تأليف عبقرية لم ينزل عليها وحي، وليس لها مثيل على مر العصور.»
كان شكسبير يعلم قراءه عن طريق إسعادهم. تحتوي مسرحياته (إذا نحينا الجانب العلمي البحت) على حكمة حقيقية أكثر من كل أشكال التعلم الإنجليزية. إنه معلم لكل أشكال الفضائل؛ الرحمة، والكرم، والشجاعة الحقيقية، والحب. لقد تشكلت براعته المضيئة «على هيئة نجوم صغيرة». وتجسدت معارفه الغزيرة العميقة عبر عبارات مرحة وأمثال، وبتوزيعها بهذه الطريقة، لا يوجد اليوم في العالم المتحدث بالإنجليزية ركن لم ينره هو بضيائه أو كوخ لم يثره بعلمه. إن عطاءه يشبه البحر، نحس به في كل مكان حولنا، رغم كوننا لا نعترف له بالفضل. وكما قال عنه صديقه بن جونسون، «إنه ليس ابنا لعصر معين وإنما لكل العصور.» لقد التزم شكسبير دائما بالطريق الرئيسي في الحياة البشرية، ذلك الطريق الذي يسير عليه الجميع. ولم يختر المسارات الفرعية في المشاعر والأحاسيس. ففي أعماله، ليس لدينا قطاع طرق ذوو خلق، ولا لصوص عاطفيون، ولا أشرار ظرفاء، ولا نساء مستهترات لطيفات وراقيات؛ لا توجد تعقيدات رقيقة للمواقف تقدم فيها الصور البغيضة للعقل متخفية تحت الجاذبية الظاهرية للأسلوب والعاطفة. إنه لا يجمل العواطف السيئة، ولا يخفي الرذائل في ثوب الفضائل، ولا يعبث بأي مبدأ عادل وكريم. وبينما يجعلنا نضحك على الحماقة، ونرتعد من الجريمة، يجعلنا نحافظ على حبنا للآخرين واحترامنا لأنفسنا.
كان شكسبير محيطا بكل الأشكال والصور الرائعة؛ بكل ما هو جميل وساحر في الجوانب البسيطة للطبيعة؛ من ذلك الحب الراسخ للزهور وعبيرها، وللندى، والينابيع الصافية، والنسائم العليلة، والأصوات الناعمة، والسماوات البراقة، لعزلة الغابات والأكواخ الغارقة في ضوء القمر، والتي تعد العناصر المادية التي يبنى عليها الشعر؛ وبهذا الشعور الرقيق بعلاقتها الغامضة بالحياة العاطفية والنفسية للبشر، والتي تعد جوهرها وروحها الحية، والتي تسقط في وسط مشاهده الأكثر تراجيدية وزخما بالمشاعر، مثل ومضات من ضوء الشمس على الصخور والأطلال؛ مما يتناقض مع كل ما هو قاس أو قبيح، ويذكرنا بوجود عناصر أكثر نقاء وإشراقا.
ومع وضع هذا في الاعتبار، لا عجب أن أعمال شكسبير تعد، بعد الكتاب المقدس، الأعلى مكانة من بين كل كلاسيكيات الأدب الإنجليزي. يقول كاتب أمريكي: «لقد اقتبست شخصيات شكسبير على نحو كبير من قبل الفنانين والشعراء والأدباء، ودخلت هذه الشخصيات بقوة في نسيج الأدب الإنجليزي، لدرجة أن الجهل بحبكة إحدى هذه المسرحيات يعد في الغالب مدعاة للشعور بالحرج.»
صفحه نامشخص
لكن شكسبير كتب أعماله من أجل الكبار، من الرجال والنساء، وبلغة لا يمكن أن يفهمها صغار السن.
ومن هنا، تأتي أهمية هذا العمل؛ فقد كان الهدف الذي سعت إليه مؤلفته هو إعادة صياغة القصص المسلية المتضمنة في مسرحيات شكسبير بطريقة بسيطة جدا يمكن للأطفال فهمها والاستمتاع بها.
وحتى يستمتع القراء الصغار بحكمة وعبقرية أعظم الكتاب المسرحيين في العالم، جمعنا في نهاية الكتاب مجموعة منتقاة من اقتباساته الرائعة.
إي تي رو
نبذة مختصرة عن حياة شكسبير
في سجل تعميد الكنيسة الرعوية لستراتفورد-أبون-أفون، وهي بلدة تقام فيها سوق مركزية في ووريكشير، إنجلترا، يظهر، بتاريخ 26 أبريل عام 1564، الإدخال الخاص بتعميد ويليام، ابن جون شكسبير، والذي كان في الأصل مكتوبا باللاتينية: «ويليام ابن جون شكسبير».
إن يوم ميلاد ويليام شكسبير عادة ما يقال إنه قبل ثلاثة أيام من تعميده، لكن لا يوجد بالتأكيد دليل على هذا الأمر.
إن اسم العائلة يكتب على نحو متعدد، والكاتب المسرحي الشهير نفسه لم يكن يكتبه دائما بالطريقة نفسها. ففي حين أن الاسم كتب في سجل التعميد
Shakspeare ، فإنه ظهر في العديد من التوقيعات الأصلية لشكسبير كالتالي:
Shakspere ، وظهر في الطبعة الأولى لأعماله بالشكل الآتي:
صفحه نامشخص
Shakespeare .
يخبرنا هاليويل بأنه يوجد ما لا يقل عن 34 طريقة كتب بها الأعضاء المختلفون لعائلة شكسبير الاسم، وفي سجل مجلس ستراتفورد المحلي؛ حيث ظهر 166 مرة أثناء الفترة التي كان فيها والد الكاتب عضوا في المجلس، توجد 14 طريقة مختلفة لكتابة الاسم، والتي لم يكن من بينها الهجاء الحديث
Shakespeare .
يبدو أن والد شكسبير، رغم أنه كان عضوا في المجلس المحلي لستراتفورد، لم يكن قادرا على كتابة اسمه، لكن حيث إنه في ذلك الوقت كان 9 من بين كل 10 رجال يكتفون بالتوقيع بعلامة مميزة لهم بدلا من كتابة أسمائهم، فإن هذا لم يكن أمرا يحط من قدره كثيرا.
تختلف الآثار المتواترة وغيرها من مصادر المعلومات حول مهنة والد شكسبير. فيقال إنه كان جزارا وتاجر صوف وصانع قفازات، ولا يوجد ما يمنع أن يكون قد امتهن كل هذه المهن في الوقت نفسه أو في أوقات مختلفة، أو إذا لم يكن من الصحيح أن ينسب إليه أي من هذه المهن، فإن طبيعة مهنته كانت من النوع الذي يسهل فهم كيف تطورت الآثار المتواترة المختلفة بشأنها. كان أيضا مالك أرض وكان يزرع أرضه حتى قبل زواجه، وقد تملك مع زوجته، ماري أردن، وهي ابنة نبيل ريفي، ضيعة أسبيس، التي تبلغ مساحتها 56 فدانا. كان ويليام الابن الثالث. كانت لديه أختان أكبر منه، وأغلب الظن أنهما ماتتا وهما طفلتان. وبعده، ولد لأبيه وأمه ثلاثة أولاد وبنت واحدة. وعلى مدى 10 أو 12 سنة على الأقل بعد ميلاد شكسبير، كانت الأحوال المادية لأبيه مزدهرة. وفي عام 1568، أصبح أبوه مأمورا أو قاضي صلح ستراتفورد، ولعدة سنوات بعد ذلك، أصبح عضوا في المجلس المحلي، كما كان لمدة ثلاث سنوات قبل ذلك. لذا، وحتى وصول شكسبير إلى سن العاشرة، من الطبيعي أن نفترض أنه قد حصل على أفضل تعليم يمكن أن توفره ستراتفورد. إن مدرسة البلدة المجانية كانت متاحة لكل الأولاد، ومثل كل مدارس القواعد اللغوية الخاصة بهذه الفترة، كانت تلك المدرسة تحت إشراف رجال كانوا خريجي جامعات؛ ومن ثم كانوا مؤهلين لنشر التعليم السليم الذي كان يعد في وقت ما مفخرة إنجلترا. لا يوجد في السجلات ما يدل على أن شكسبير قد التحق بهذه المدرسة، لكن لا يمكن أن يكون هناك شك مقبول في أنه قد درس هناك. أضف إلى هذا أن أباه ما كان بإمكانه أن يقدم له تعليما أفضل في أي مكان آخر. وبالنسبة إلى هؤلاء الذين درسوا أعمال شكسبير دون أن يتأثروا بالنظرية التقليدية القديمة التي ترى أنه قد حصل على قدر محدود جدا من التعليم، فإنهم سيجدون أدلة كثيرة على أنه لا بد قد حصل على التعليم الجيد الذي كانت توفره مدارس القواعد اللغوية.
هناك أماكن محلية مرتبطة بستراتفورد لا يمكن ألا يكون لها تأثير على تشكيل عقل شكسبير الصغير. ففي نطاق اهتمام مثل هذا الفتى، توجد بلدتا ووريكشير وكوفنتري التاريخيتان البارزتان وقصر كينلورث الفخم والبقايا العظيمة لدير إفشام. إن المنطقة التي ولد فيها زاخرة ببقاع رائعة الجمال وقرى هادئة وغابات منعزلة. ولم تكن ستراتفورد منعزلة عن العالم الخارجي، كما هو الحال مع العديد من البلدات الريفية؛ فقد كانت تربط بين عدة بلدات، وكان التجار يأتون لأسواقها بشتى أنواع البضائع. لا بد أن عيني الكاتب المسرحي والشاعر كانتا مفتوحتين دائما من أجل الملاحظة. لكننا لا نعرف شيئا على نحو مؤكد عن شكسبير فيما بين ميلاده وحتى زواجه من آن هاثاواي في عام 1582، ومن هذا التاريخ حتى إنجابه لثلاثة أطفال، وذلك حتى أصبح ممثلا في لندن نحو عام 1589.
ولا سبيل لدينا لمعرفة المدة التي كان فيها التمثيل المهنة الوحيدة لشكسبير، لكن الأكثر ترجيحا أنه بعد وصوله إلى لندن، سرعان ما بدأ عمله في مجال تنقيح المسرحيات القديمة الذي من المعروف أنه بدأ مسيرته الأدبية به. لقد كان تنقيح وتعديل المسرحيات القديمة التي كانت دون المعايير المطلوبة في تلك الفترة ممارسة شائعة حتى بين أفضل الكتاب المسرحيين في ذلك الوقت، وسرعان ما أوضحت قدرات شكسبير أنه ملائم على نحو بارز لهذا النوع من العمل. وعندما تصبح التعديلات التي يجري إدخالها على المسرحيات المؤلفة في الأصل من قبل كتاب آخرين كبيرة جدا، يصبح العمل في واقع الأمر عملا جديدا ومبتكرا. وهذا بالضبط ما لدينا أمثلة عليه في بعض الأعمال المبكرة لشكسبير التي من المعروف أنها قد اعتمدت على مسرحيات أكثر قدما.
لا داعي هنا للثناء على الأعمال المنشورة لأعظم كاتب مسرحي في العالم؛ فقد فشلت محاولات نقدها في النيل منها، ووجه أعظم العقول في إنجلترا وألمانيا وأمريكا كل جهودهم لإبراز قيمتها ومكانتها.
مات شكسبير في ستراتفورد في الثالث والعشرين من أبريل من عام 1616. وقد مات أبوه قبله في عام 1602، وكذلك أمه في عام 1608. وعاشت زوجته حتى أغسطس من عام 1623. وقد مات ابنه هامنت في عام 1596 عن عمر يناهز الحادية عشرة. وعاشت ابنتاه بعد موته، وقد تزوجت كبراهما، سوزانا، في عام 1607 من طبيب من ستراتفورد يدعى دكتور هول. والابنة الوحيدة الناتجة عن هذه الزيجة والتي كانت تدعى إليزابيث، والتي ولدت في عام 1608، تزوجت في البداية من توماس ناسبي، ثم من السير جون بارنارد، لكنها لم تنجب في أي من الزواجين. أما ابنة شكسبير الصغرى، جوديث، فقد تزوجت في العاشر من فبراير عام 1616 من نبيل من ستراتفورد يدعى توماس كويني، وأنجبت منه ثلاثة أبناء، لكن توفي جميعهم دون أن يتركوا أي ذرية. ولذا، لا يوجد أي سليل مباشر لشكسبير.
يتفق زملاء شكسبير في التمثيل والتأليف المسرحي وكل من عرفوه بطرق أخرى ليس فقط في التعبير عن إعجابهم بعبقريته، وإنما أيضا في احترامهم وحبهم لشخصه. قال بن جونسون: «إنني أحب الرجل وأبجل ذكراه كأسمى ما يكون التبجيل. كان رجلا أمينا حقا، وكان صريحا ذا طبيعة متحررة.» دفن شكسبير بعد وفاته بيومين في الجانب الشمالي من مذبح كنيسة ستراتفورد. وفوق قبره، هناك لوح مسطح مكتوب عليه النقش التالي، والذي يقال إنه كتبه بنفسه:
صفحه نامشخص
صديقي العزيز، من أجل يسوع، لا تنبش
هذا القبر المغلق؛
فمبارك الرجل الذي يحفظ هذه الأحجار،
واللعنة على من يتجرأ على العبث بعظامي.
حلم ليلة منتصف صيف
تيتانيا والمهرج.
كان ليساندر وهيرميا حبيبين، لكن والد هيرميا أراد أن يزوجها رجلا آخر يدعى ديمتريوس.
في أثينا، حيث يعيش أبطالنا، كان هناك قانون فظيع ينص على أن أي فتاة ترفض الزواج وفقا لرغبة والدها تقتل. غضب والد هيرميا منها للغاية لرفضها فعل ما أراده منها لدرجة أنه جعلها تمثل أمام دوق أثينا ليعلمها أنها قد تقتل إن ظلت ترفض طاعة أوامر والدها. أعطاها الدوق أربعة أيام لتفكر فيها في الأمر، وفي نهاية هذه المدة، إن ظلت ترفض الزواج من ديمتريوس، فستقتل.
كاد ليساندر بالطبع أن يجن من الحزن، وبدا له أن أفضل شيء يمكن فعله هو أن تهرب هيرميا إلى منزل عمته الذي يوجد في مكان لا يخضع لسلطة هذا القانون القاسي، ثم يذهب هو إليها هناك ويتزوجها، لكن قبل أن تنفذ هيرميا هذه الخطة، قالت لصديقتها هيلينا ما ستفعله.
كانت هيلينا حبيبة ديمتريوس لفترة طويلة قبل أن يفكر في الزواج من هيرميا، ونظرا لغبائها الشديد، كشأن كل الأشخاص الذين تتملكهمردت الساحرة الأولى الغيرة، لم تستطع إدراك أن رغبة ديمتريوس في الزواج من هيرميا المسكينة بدلا منها ليست خطأ هيرميا. وكانت تعرف أنها إن أخبرت ديمتريوس بأن هيرميا ستذهب إلى الغابة الموجودة خارج أثينا، فإنه كان سيتبعها، وقالت في نفسها: «ويمكنني حينئذ أن أتبعه وعلى الأقل سأراه.» لذا، ذهبت إليه وأفشت سر صديقتها.
صفحه نامشخص
والآن هذه الغابة، التي كان سيلتقي فيها ليساندر وهيرميا والتي قرر الاثنان الآخران أن يتبعاهما إليها، كانت مليئة بالجن، كما هو الحال في معظم الغابات، فقط إذا كان لدى المرء القدرة على رؤيتها، وكان هناك في تلك الغابة وفي هذه الليلة ملك وملكة الجن ، أوبرون وتيتانيا. إن الجن كائنات حكيمة جدا، لكن تلك الكائنات من حين لآخر يمكن أن تصبح غبية مثلها مثل البشر. إن أوبرون وتيتانيا، اللذين من المفترض أن يكونا سعيدين للغاية معا، قد عكرا صفو علاقتهما معا ودخلا في خلاف سخيف؛ فقد كانا لا يتقابلان دون أن يقول كل منهما للآخر أشياء بذيئة، وكانا يوبخ أحدهما الآخر على نحو فظيع لدرجة أن كل أتباعهما الصغار من الجن كانوا من الخوف يزحفون إلى قواعد ثمار البلوط ويختفون هناك.
تيتانيا، ملكة الجن.
لذا، بدلا من الحفاظ على السعادة والرقص طوال الليل في ضوء القمر في البلاط الملكي، كما هي عادة الجن، أخذ الملك وأتباعه يتجولون في جزء من الغابة، في حين بقيت الملكة مع أتباعها في جزء آخر. والسبب في كل هذا هو اتخاذ تيتانيا ولدا هنديا صغيرا كأحد أتباعها. أراد أوبرون أن يكون الولد أحد أتباعه وأن يصبح أحد فرسانه؛ لكن الملكة أبت أن تتخلى عنه.
في تلك الليلة، وفي أرض فضاء في الغابة يكسوها العشب الأخضر ويضيئها نور القمر، التقى ملك وملكة الجن.
قال الملك: «لقاء منحوس في ضوء القمر يا تيتانيا المتكبرة!»
ردت الملكة: «من؟ أوبرون الغيور؟ لقد أفسدت كل شيء بشجارك معي. هيا ابتعدوا، أيها الرفاق، دعونا نتركه. لقد سلوت صحبته!»
قال الملك: «الأمر بيدك وحدك أن ننهي هذا الشجار ونتصالح.»
الشجار.
وأضاف: «أعطيني ذلك الغلام الهندي الصغير، وسأصبح مرة أخرى تابعك وحبيبك المطيع.»
ردت الملكة: «لا تتعب نفسك؛ فلن أبيعه مقابل مملكة الجن التي تحكمها كلها! هيا بنا يا رفاقي!»
صفحه نامشخص
وانسحبت هي وأتباعها في ضوء القمر.
قال أوبرون: «لا يهم! افعلي ما تشائين، ولكنك لن تغادري هذه الغابة حتى أنتقم منك لهذه الإهانة!»
استدعى أوبرون جنيه المفضل باك. كان باك جنيا شريرا؛ إذ اعتاد أن ينزع القشدة عن لبن فتيات القرية، ويدير الرحى فيضيع مجهود ربة المنزل في خض اللبن، ويمنع الجعة من التخمر، ويضل السائرين في الليالي المظلمة ثم يضحك من تعبهم، ويسحب المقاعد من تحت الناس بينما هم على وشك الجلوس عليها، فيقعوا على الأرض، ويسكب الجعة الساخنة على أذقان الناس بينما هم على وشك شربها.
قال أوبرون لهذا الجني الصغير: «والآن، أحضر لي الزهرة التي تسمى البانسي البري. إذا أنزلنا قطرة من رحيق تلك الزهرة الأرجوانية الصغيرة على عيني شخص نائم وقع في حب أول من ينظر إليه حينما يصحو. سأضع بعضا من رحيق تلك الزهرة على عيني تيتانيا؛ فإذا ما استيقظت، وقعت في حب أول من تراه، ولو كان أسدا أو دبا أو ذئبا أو ثورا أو قردا متطفلا أو نسناسا كثير الحركة.»
وعندما ذهب باك، مر ديمتريوس عبر تلك الأرض الفضاء من الغابة وتبعته هيلينا المسكينة التي أخذت تخبره كيف تحبه بشدة، وتذكره بكل وعوده لها، لكنه أخذ يقول لها إنه لا يحبها ولا يستطيع أن يفعل ذلك، وإن وعوده لا تعني شيئا. حزن أوبرون لحال هيلينا المسكينة، وعندما عاد باك بالزهرة، أمره أن يتبع ديمتريوس ويضع بعضا من رحيقها في عينيه، حتى إذا استيقظ ونظر إلى هيلينا أحبها، بقدر ما تحبه هي. لذا، انطلق باك، وبينما أخذ يتجول في أنحاء الغابة، وجد ليساندر وليس ديمتريوس ووضع على عينيه الرحيق، وعندما استيقظ ليساندر، لم ير حبيبته هيرميا وإنما رأى هيلينا، التي كانت تتجول عبر الغابة تبحث عن ديمتريوس القاسي، وبمجرد أن رآها أحبها وترك محبوبته، تحت تأثير سحر الزهرة الأرجوانية.
هيلينا في الغابة.
عندما استيقظت هيرميا وجدت أن ليساندر قد ذهب وأخذت تتنقل عبر أنحاء الغابة في محاولة منها لإيجاده. عاد باك وأخبر أوبرون بما فعله، وسرعان ما اكتشف أنه قد أخطأ، وانطلق باحثا عن ديمتريوس، وعندما وجده، وضع بعضا من الرحيق في عينيه، وأول شيء رآه ديمتريوس عندما استيقظ كان أيضا هيلينا. لذا، كان كل من ديمتريوس وليساندر يتبعان هيلينا في الغابة، وجاء الدور الآن على هيرميا أن تتبع حبيبها كما فعلت هيلينا من قبل. أدى ذلك إلى أن هيلينا وهيرميا بدأتا تتشاجران، وأخذ ديمتريوس وليساندر يقتتلان. حزن أوبرون بشدة عندما وجد أن خطته النبيلة لمساعدة هؤلاء المحبين لم تسر على النحو المطلوب، لذا قال لباك: «سيقتتل هذان الشابان. زد من ظلام الليل بضباب شديد واجعلهما يضلان الطريق بحيث لا يجد أحدهما الآخر أبدا. وعندما يصيبهما التعب، سينامان. حينها، ضع هذا الرحيق الآخر على عيني ليساندر. إنه سيعيد له بصره إلى سابق عهده وكذلك حبه القديم. ثم سيعود كل منهما إلى المرأة التي أحبها وسيظن الجميع أن هذا حلم ليلة منتصف صيف. وعندما يتم هذا، سيكون كل شيء على ما يرام بالنسبة إليهم.»
لذا، ذهب باك وفعل ما أمر به، وعندما نام العاشقان دون أن يتقابلا، وضع باك الرحيق على عيني ليساندر وقال:
أما عند الصحوة،
فلتفرح حق الفرحة،
صفحه نامشخص
بجمال عيون حبيبتك الأولى ...
قيس سيفوز بليلاه
ويعود الماء لمجراه
لن يحدث ما يفسد ودا،
وسيسعد كلهم أبدا. [ترجمة د. محمد عناني، وهي الترجمة التي اعتمدنا عليها في ترجمة الاقتباسات من هذه المسرحية]
في تلك الأثناء، وجد أوبرون تيتانيا نائمة على ضفة ينمو عليها الزعتر البري وزهور الربيع وزهور البنفسج وزهور العسل والزهور المسكية والزهور الياقوتية. كانت تيتانيا دائما ما تنام هناك جزءا من الليل متغطية بجلد أفعى مصقول. اقترب منها أوبرون ووضع الرحيق على عينيها، قائلا:
أول ما تشهد عيناك لدى صحوك
اعتبريه حبيب فؤادك من فورك.
عندما استيقظت تيتانيا، فإن أول شيء وقعت عيناها عليه هو مهرج أحمق كان من ضمن مجموعة من الممثلين جاءوا إلى الغابة ليتمرنوا على المسرحية التي سيقدمونها. تقابل هذا المهرج مع باك الذي وضع بسرعة رأس حمار على كتفيه حتى تبدو وكأنها رأسه التي ولد بها. وبمجرد أن استيقظت تيتانيا ورأت هذا الوحش المخيف، قالت: «يا له ملاك! هل أنت حكيم كما أنت جميل؟»
رد عليها المهرج الأحمق قائلا: «لو كان لي من العقل ما يعينني على الخروج من هذه الغابة، لكفى!»
صفحه نامشخص
قالت له تيتانيا: «لا تنشد الخروج من هذه الغابة!» سيطر عليها تأثير سحر رحيق الحب وبدا لها المهرج وكأنه أكثر مخلوق على وجه البسيطة جمالا وجاذبية. قالت له: «أنا أحبك. فهيا إذن معي، وسأعين لك خدما من الجن.»
نادت أربعا من أتباعها من الجن والذين كانت أسماؤهم كالتالي: زهرة البازلاء وخيط العنكبوت وفراشة وخردل.
وقالت لهم: «أكرموا هذا السيد واعتنوا به. قدموا له المشمش والتوت الأسود والعنب الأحمر والتين الأخضر والتوت الأبيض. اسرقوا من أجله أقراص العسل من النحل، واقطفوا أجنحة الفراشات الملونة حتى تحجب أشعة القمر عن عينيه النائمتين.»
قال واحد منهم: «سأفعل.» وهكذا قال الآخرون.
قالت الملكة للمهرج: «اجلس هنا بجانبي، حتى أداعب خدودك الرائعة وحتى أزين بالورود العطرة خصلاتك المصفوفة المنسدلة وأطبع القبلات فوق أذنيك الكبيرتين، يا فرحتي الرهيفة!»
سأل المهرج الذي كان برأس حمار: «أين زهرة البازلاء؟» لم يكن مهتما كثيرا بحب الملكة، ولكنه كان مختالا بشدة لوجود أتباع من الجن في خدمته. رد زهرة البازلاء قائلا: «حاضر.»
قال له: «اهرش رأسي، يا بازلاء.» ثم قال: «أين خيط العنكبوت؟» رد الآخر: «حاضر.»
قال له: «اقتل لي النحلة الحمراء التي تقف فوق تلك الشوكة ثم أحضر لي قرص العسل. أين خردل؟»
رد خردل: «حاضر.»
قال المهرج: «أوه، لا أريد منك شيئا سوى مساعدة خيط العنكبوت في هرش رأسي. لا بد أن أذهب إلى الحلاق؛ إذ أظن أن الشعر الكثيف يغطي وجهي.»
صفحه نامشخص
قالت له الملكة: «قل لي ما تريد من الطعام؟»
رد عليها: «أشتهي بعض الشوفان الجاف الممتاز، وأظن أنني أشتهي بعده بعض الدريس.»
سألته: «هل تريد أن يحضر لك بعض أتباعي من الجن بعض البندق الطازج من مخازن السناجب؟»
رد المهرج: «أفضل حفنة أو اثنتين من البازلاء الجافة. ولكن أرجوك لا أريد أن يزعجني أحد من رعيتك؛ فالنعاس يكاد يغلبني.»
تيتانيا تحت تأثير سحر رحيق الحب.
قالت له الملكة: «فلتنم يا حبيبي وسوف أضمك بين ذراعي.»
عندما جاء أوبرون، وجد ملكته الجميلة تغدق قبلاتها ومشاعرها على مهرج برأس حمار.
وقبل أن يحررها من تأثير هذا السحر المسيطر عليها، أقنعها بأن تعطيه الولد الهندي الصغير الذي كان يرغب بشدة في ضمه إلى حاشيته. ثم رق لحالها وصب بعض رحيق الزهرة المبطلة لسحر الحب على عينيها الجميلتين، وفي لحظة، رأت بوضوح المهرج الذي رأسه على شكل حمار وأدركت كم كانت حمقاء.
تيتانيا تستيقظ.
نزع أوبرون رأس الحمار عن المهرج، وتركه يكمل نومه ورأسه الحمقاء ترقد على الزعتر البري وزهور البنفسج.
صفحه نامشخص
وهكذا اتضحت الأمور مرة أخرى، وعاد كل شيء لنصابه. أحب أوبرون وتيتانيا كل منهما الآخر أكثر من ذي قبل. وديمتريوس لم يكن يفكر إلا في هيلينا، ولم تكن هيلينا تفكر في أحد سوى ديمتريوس.
أما بالنسبة إلى هيرميا وليساندر، فقد كان حبهما أعظم من أي حب يمكن أن تصادفه يوما، حتى لو كنت تسير عبر غابة للجن.
وهكذا، عاد الأحباء البشريون الأربعة إلى أثينا، وتزوج كل حبيب حبيبته، وعاش ملك وملكة الجن معا في سعادة وهناء في تلك الغابة في ذلك اليوم.
العاصفة
فيرديناند وميراندا.
كان بروسبرو، دوق ميلانو، رجلا مثقفا ومولعا بالعلم، يعيش وسط كتبه، تاركا إدارة شئون دوقيته لأخيه أنطونيو، الذي كان في واقع الأمر يضع فيه كامل ثقته. لكن هذه الثقة كانت في غير محلها؛ إذ إن أنطونيو أراد أن يستولي على تاج أخيه، ولكي يحقق هدفه، كان سيقتله لولا الحب الذي يكنه الناس له. مع ذلك، استطاع، بمعاونة عدو بروسبرو اللدود ألونسو، ملك نابولي، أن يستولي على الدوقية، بكل عزها وسطوتها وثرواتها. فقد جعلا بروسبرو يركب سفينة وعندما ابتعدت السفينة تماما عن اليابسة، أجبر بروسبرو على ركوب قارب صغير ليس له صار أو شراع أو حبال. وبسبب قسوتهما وكراهيتهما، وضعا ابنته الصغيرة، ميراندا (التي لم تكن تتجاوز الثالثة من عمرها حينها) معه في القارب، وأبحرا، تاركين الأب وابنته لمصيرهما.
لكن كان من بين رجال الحاشية رجل وفي للدوق الشرعي، بروسبرو. كان إنقاذ الدوق من أعدائه مستحيلا، لكن كان يمكن فعل الكثير لتذكيره بحب أحد أتباعه له. لذا، وضع هذا اللورد الوفي، الذي كان يسمى جونزالو، خفية في القارب بعض الماء العذب والطعام والملابس وبعضا من كتب بروسبرو المفضلة، والتي كانت أكثر الأشياء المقدرة لديه.
قذفت الأمواج القارب على جزيرة وهبط منه بروسبرو وابنته الصغيرة بأمان. كانت هذه الجزيرة مسحورة، وظلت لسنوات ترزح تحت تأثير سحر ساحرة شريرة تدعى سيكوراكس، والتي سجنت في جذوع الأشجار كل الأرواح الطيبة التي وجدتها هناك. ماتت تلك الساحرة قبل فترة قليلة من نزول بروسبرو على تلك الجزيرة، لكن ظلت الأرواح، التي كان أريال رئيسها، في سجونها.
كان بروسبرو ساحرا عظيما؛ إذ كان قد انكب على نحو شبه كامل على دراسة السحر في تلك السنوات التي وكل لأخيه فيها مهمة إدارة شئون ميلانو. وبمهارته وعلمه، استطاع أن يطلق سراح الأرواح المحبوسة، مع جعلها طوع بنانه، وقد كانت بحق مخلصة له أكثر من رعاياه في ميلانو. كان يعاملها معاملة طيبة ما دامت تلتزم بأوامره، وكان يمارس سلطاته عليها بحكمة وحنكة. لكن كان هناك مخلوق واحد وجد أنه من الضروري معاملته بقسوة، وكان هذا المخلوق هو كاليبان، ابن الساحرة العجوز الشريرة، والذي كان وحشا مشوها وفظيعا، وكان بشع الطلعة، وتتميز كل طباعه وعاداته بالخبث والوحشية.
الأمير فيرديناند والأمواج تتقاذفه.
صفحه نامشخص
عندما كبرت ميراندا وأصبحت فتاة جميلة ورقيقة، تصادف أن أنطونيو وألونسو وأخاه سيباستيان وابنه فيرديناند كانوا في البحر على متن سفينة، وكان معهم جونزالو العجوز، واقتربت سفينتهم من الجزيرة التي كان عليها بروسبرو. عندما علم بروسبرو بوجودهم بالقرب من جزيرته، تمكن بمهارته من إثارة عاصفة عظيمة لدرجة أن ملاحي السفينة رأوا أن الجميع هالكون لا محالة، وكان أول من قفز من السفينة في البحر هو الأمير فيرديناند، والذي ظن والده في حزن شديد أنه غرق. لكن أريال أنقذه ونقله إلى الشاطئ بأمان، وهبط كل باقي طاقم السفينة دون أن يصيبهم أي أذى في أجزاء مختلفة من شاطئ الجزيرة، رغم طغيان الأمواج على السفينة وسقوطهم منها، وقد رست السفينة الجميلة نفسها التي ظن الجميع أنها قد تحطمت في الميناء في المكان الذي جلبها إليه أريال. كان بروسبرو والأرواح التابعة له يستطيعون القيام بتلك العجائب.
بينما كانت لا تزال العاصفة هائجة، أرى بروسبرو ابنته السفينة الباسلة وهي تجاهد من أجل البقاء وسط الأمواج العاتية، وقال لها إنها مليئة ببشر أحياء مثلهما. أشفقت الابنة على حال ركابها وتضرعت إلى أبيها وطلبت منه إنهاء العاصفة التي أثارها. طلب منها أبوها ألا تخاف لأنه ينوي أن ينقذهم جميعا.
حينها، وللمرة الأولى، حكى لها قصته وقصتها وأنه قد تسبب في إثارة تلك العاصفة حتى يقع في يديه عدواه، أنطونيو وألونسو، اللذين كانا على متن هذه السفينة.
وعندما انتهى بروسبرو من سرد قصته، جعل ابنته تنام؛ إذ كان أريال في مكان قريب وقد أراد منه القيام بمهمة. تذمر أريال، الذي كان يتوق للحصول على حريته كاملة، من حياة السخرة التي كان يعيشها، لكنه عندما ذكر على نحو تهديدي بكل المعاناة التي تعرض لها عندما كانت سيكوراكس تسيطر على الجزيرة وكذلك بالفضل الذي يدين به لسيده بروسبرو الذي أنهى كل متاعبه، توقف عن الشكوى ووعد بإخلاص بالقيام بكل ما قد يأمره به.
قال له بروسبرو: «افعل هذا، وأنا بعد يومين سأفك أسرك.»
طلب منه أن يتخذ هيئة عروسة بحر ويبحث عن الأمير الشاب. حام أريال بالقرب من فيرديناند، رغم أنه كان غير مرئي له، وأخذ يغني:
هلموا إلى هذه الرمال الصفراء
وضموا أيديكم المرتجفة العفراء
ثم احنوا رءوسكم وقبلوا الأرض
لكي يهدأ الموج والنوء يرفض
صفحه نامشخص
ومن هنا وهناك السماء تبرق
ولا تلبث الشمس من وراء الغمام تشرق
فيتنسى لكم جميعا أن تسرحوا وتمرحوا. [ترجمة أ. ر. مشاطي، وهي الترجمة التي اعتمدنا عليها في ترجمة الاقتباسات من هذه المسرحية]
تتبع فيرديناند الغناء الساحر، والذي بدأ يتخذ طابعا جديا وقد جلبت الكلمات الكآبة إلى قلبه والدموع إلى عينيه؛ لأنها جاءت على النحو التالي:
على عمق خمسة باعات تحت الماء
يرقد والدك كما يرغب ويشاء
وعظامه إلى مرجان تتحول
وعيونه البراقة حوله تتجول
وفي داخله لا شيء يتغير
بينما البحر في تصرفاته محير
صفحه نامشخص
إذ ينقلب إلى فيض ضياء
نادر، يسحر في كل حين ببهاء
عرائس البحر التي تنعيه
وعلى حميد مزاياه تبكيه.
مهد أريال، بغنائه هذا، للقاء الأمير المسحور ببروسبرو وميراندا. ثم حدث كل ما تمناه بروسبرو. فميراندا، التي لم تر مطلقا منذ تفتح وعيها أي إنسان ما عدا أباها، نظرت إلى الأمير الشاب بإجلال وأحبته من صميم قلبها.
قالت: «يخيل إلي أنه من زمرة الآلهة وليس لروعته في الكون من مثيل!»
وقال فيرديناند متعجبا وهو ينظر إلى جمالها في دهشة وسعادة: «لا بد أن هذه هي الإلهة التي تغنى لها هذه الأغنية!»
إن فيرديناند لم يحاول إخفاء الحب الذي ألهبت قلبه به؛ إذ بمجرد أن تبادلا بعض العبارات، تعهد بأن يجعلها ملكته إن أرادت ذلك. لكن بروسبرو تظاهر بالغضب من ذلك، رغم أنه كان سعيدا من داخله.
وقال لفيرديناند: «لقد تسللت إلى هذه الجزيرة كالجاسوس. سأقيد رجليك إلى عنقك وأجعل ماء البحر شرابك الوحيد، وقوتك اليومي البزاق والجذور الجافة وبلوط البحر. هيا اتبعني.»
فيرديناند يرى ميراندا.
صفحه نامشخص
رد فيرديناند قائلا: «كلا!» واستل سيفه. لكن سحره بروسبرو على الفور بحيث وقف هناك وكأنه تمثال أصم من الحجر، وفزعت ميراندا من ذلك وأخذت تتوسل إلى أبيها أن يرحم حبيبها. لكنه رفض بقسوة، وجعل فيرديناند يتبعه إلى كوخه. وهناك، فرض عليه عملا شاقا؛ إذ جعله ينقل الآلاف من الحطب ويكومها فوق بعضها؛ وقد أطاعه فيرديناند بصبر معتقدا أن التعاطف الذي تبديه ميراندا الجميلة تجاهه ينسيه كل تعبه.
كانت من إشفاقها الشديد عليه ستساعده في عمله الشاق، ولكنه ما كان ليسمح لها بهذا أبدا، ولم يستطع هو إخفاء حبه عنها، وعندما سمعته وهو يعترف لها به، فرحت بشدة ووعدته بأن تصبح زوجته.
ثم أطلق بروسبرو سراحه وجعله يترك خدمته، وأعطى موافقته على زواجهما وهو سعيد من الداخل.
قال له: «خذها، فقد أصبحت الآن ملكك.»
في تلك الأثناء، كان أنطونيو وسيباستيان في جزء آخر من الجزيرة يتآمران لقتل ألونسو، ملك نابولي؛ لأن سيباستيان، بعد موت فيرديناند، حسبما كانا يظنان، كان سيرتقي عرش نابولي بعد موت ألونسو. وكانا سينفذان مخططهما الشرير بينما كان المتآمر عليه نائما، لولا أن أريال أيقظه في الوقت المناسب.
مارس أريال العديد من الخدع السحرية عليهم. فذات مرة، أعد مأدبة أمامهم، وقبل أن يمدوا أيديهم ليأكلوا منها، ظهر لهم وسط برق ورعد في شكل هاربي، وهو مخلوق خرافي نصف طائر ونصف امرأة، وفجأة اختفت المأدبة. ثم وبخهم على الخطايا التي ارتكبوها واختفى أيضا.
جعلهم بروسبرو بقدراته السحرية يذهبون إلى الأجمة الموجودة خارج كوخه وانتظروا هناك، خائفين ومرتعدين، وفي النهاية أعلنوا بمرارة عن ندمهم على الخطايا التي ارتكبوها.
قرر بروسبرو أن يستغل قدراته السحرية لآخر مرة، وقال: «بعد ذلك، أنا على أتم استعداد لكسر عصا سحري ودفن كتبي في أعماق الوادي السحيق حيث لا يتمكن أحد من الوصول إليها.»
جعل موسيقى آسرة تسري في الهواء، وظهر لهم في شكله الملائم له باعتباره دوق ميلانو. ولأنهم ندموا على ما فعلوه من خطايا، صفح عنهم وأخبرهم بما حدث له منذ أن تركوه بقسوة هو وطفلته تحت رحمة الرياح والأمواج. تحسر ألونسو، الذي بدا أنه الأكثر ندما على ارتكاب جرائمه السابقة، على فقد وريثه. لكن بروسبرو أزال ستارا، كاشفا عن فيرديناند وميراندا وهما يلعبان الشطرنج. سعد ألونسو بشدة للقاء ابنه الحبيب مرة أخرى، وعندما علم أن الفتاة الجميلة التي كان يلعب معها ابنه هي ابنة بروسبرو وأن ابنه والفتاة قد أرادا الزواج بعضهما من بعض، قال: «هاتا يديكما يا عزيزي. ولتعصر التعاسة والآلام قلب من لا يريد لكما السعادة.»
وهكذا، انتهى كل شيء على نحو سعيد. كانت السفينة ترسو بأمان في الميناء، وفي اليوم التالي، أبحروا جميعا إلى نابولي حيث كان من المنتظر أن يتزوج فيرديناند وميراندا. وقد جعل أريال البحار هادئة وأعطاها عواصف ميمونة، وقد كان هناك العديد من المسرات في حفل الزفاف.
صفحه نامشخص
فيرديناند وميراندا يلعبان الشطرنج.
ثم عاد بروسبرو، بعد عدة سنوات من الغياب، إلى دوقيته ورحب به بسعادة غامرة رعاياه المخلصون له. لم يمارس السحر مرة أخرى، لكن حياته كانت سعيدة، ليس فقط لأنه عاد إلى مكانته مرة أخرى، ولكن بصفة أساسية لأنه لم ينتقم من أعدائه الألداء الذين فعلوا به الأفاعيل عندما وقعوا تحت رحمته، بل سامحهم بنبل شديد.
أما أريال، فقد أعطاه بروسبرو حريته كاملة بحيث أصبح بإمكانه الذهاب إلى أي مكان يريده وغناء أغنيته العذبة التالية بقلب تغمره السعادة:
من حيث ترشف النحلة أنا أرشف
وبين أكمام زهر الربيع أتمدد
وأنام ملء جفوني عندما ينعب البوم
وعلى ظهر خفاش أطير متبعا
بسعادة بهاء الصيف حول أنحاء الأرض.
سأعيش الآن في سعادة وحبور
تحت الورد الذي يرقص على أغصانه.
صفحه نامشخص