العقد المفصل في قبيلة المجد المؤثل
العقد المفصل في قبيلة المجد المؤثل
زبرة قد أشعّت في المتن منها ... جوهرًا في فرنده يستضاء
فهي عادت منه كمثل عصا مو ... سى وتخميسك اليد البيضاء
ومن ذلك أنّ عبد الباقي أفندي سألني تخميس مستهل هذه القصيدة التي خمسها والبيت الذي بعده وذلك حين عزم على تخميسها وأراد الشروع فيه، فأرسلت إليه قولي:
ما لحيث انتهى بك الأُسراء ... لمهب العشر العقول ارتقاء
وإذا لم يكن إليك انتهاء ... كيف ترقى رقيك الأنبياء
يا سماءً ما طاولتها سماءجزت إذ فتحت لك الحجب فتحًا ... لعلىً دونها علا الرسل تمحى
فلهم لو غدا ذرى العرش سطحًا ... لم يساووك في علاك وقدحا لسنىً منك دونهم وسناءومن ذلك ما قلته في غرض من الأغراض وهإيراده في فصل المديح أليق.
سعدت من عشية زار فيها ... قمر المجد ربعنا فأضاء
وأظنّ الرياح قد حسدتنا ... فهي وجدًا تنفّس الصعداء
الفصل الثاني في الرثاء
لمّا توفّي المهدي خلف الخلف الصالح وكان نابه الذكر جليل القدر رثيته بقصيدة فريدة عزيت بها أباه وسلّيته بولديه، والقصيدة هذه:
غمضت بغتةً جفون الفناء ... فوق إنسان مقلة العلياء
وله نقبت بغاشية الحز ... ن محيّا الدنيا يد الغمّاء
حملت وقر عبئها كاهل الده ... ر فأمسى يرغو من الأعياء
نكبة لم تدع جليدًا على الخطب ... ولا صابرًا على اللأواء
يا صريع الحمام صلّى عليك ... الله من نازل بربع الفناء
وسقى منه تربتةً ضمنت جس ... مك غيث الغفران والنعماء
فحقيرٌ نوه الجفون وما قد ... ر جفون السحاب والأنواء
أين عيس المنون منك استقلّت ... بالحصيف المظفّر الآراء
ذهبت في معرَّس السفر جودًا ... وروا حوَّم الأماني الظماء
يا عفات الأنام شرقًا وغربًا ... دوكم فاحتبوا بثوب العفاء
وانحبوا عن حريق وجد لمن كان ... عليكم أحنى من الآباء
يستقلّ الحبا لكم إن وفدتم ... ولو المشرقان بعض الحباء
رحلوا العيس قاصدين ضريحًا ... فيه ما فيه من علًا وسخاء
وأعقروا عنده وجلَّ عن العق ... ر قلوبًا مطلولة السوداء
جدث ماء عيشكم غاض فيه ... فانضحوا فوقه دم الأحشاء
حلَّ فيه من قد كفى آدمًا في ... غيث جدواه عيلة الأبناء
ليت شعري أنّى دنا الموت منه ... وهو في ربع عزّة قعساء
هل أتاه مسترفدًا حين أعطى ... ما حوته يداه للفقراء
فحباه بنفسه إذ أتاه ... مستميحًا يمشي على استحياء
ودّت المكرمات أن تفتديه ... ببنيها الأماجد الكرماء
هم مكان الجفون منها ولكن ... هو من عينها مكان الضياء
وهم في الحياة موتى ولكن ... هو ميّتٌ يعدُّ في الأحياء
يا عقيدي على الجوى عظم الخط ... ب فأهونْ بالدمعة البيضاء
أجر من ذوب قلبك الدمعة الحم ... راء حزنًا في الوجنة الصفراء
إن سلني عن ظلمة الكون لما ... حلن أنوار أرضه والسماء
فلبدر الغبراء حال أخوه ... بدر أهل الغبراء والخضراء
وخفقن النجوم حزنًا بجنح ... سام أنوارهنّ بالأطفاء
وإلى الشمس قد نعوه فماتت ... جزعًا من سماع صوت النعاء
وقف المجد ناعيًا يوم أودى ... شاحب الوجه كاسف الأضواء
هل ترى صالحًا على الأرض لمّا ... غاب فيها "المهدي" بدر العلاء
قلت خفّض عليك من عظم الرز ... ء ونهنه من لوعة البرحاء
ليس إلاّ "محمّد" صالح يو ... جد في الأرض من بني حوّاء
ليس ينفكّ للجميل قريبًا ... وبعيدًا عن خطّة الفحشاء
ومهابًا له على أعين الده ... ر قضى الكبرياء بالأغضاء
وبليغًا قد انتظمن معاني ... هـ بسلك الأعجاز للبلغاء
وفصيحًا بنطقه أخرس الده ... ر فما قدر سائر الفصحاء
فارس المشكلات إن ندبوه ... لبيان مقالة العوصاء
فهو من غرّ لفظه يطعن الثغ ... رة منها بالحجة البيضاء
يا رحاب الصدور في كلّ خطب ... وثقال الحلوم عند البلاء
إن اسمكم حسن الأسى فلا ضعا ... ف أساكم تضمّنت أحشائي
1 / 78