العقد المفصل في قبيلة المجد المؤثل

حیدر بن سلیمان حلی d. 1304 AH
159

العقد المفصل في قبيلة المجد المؤثل

العقد المفصل في قبيلة المجد المؤثل

الرشوف هي المرأة الطيّبة الفم، والرشف المصُّ، وقد رشفه يرشفه، ويرشفه وارتشفه أي امتصّه. وفي المثل: الرشف أنقع إذا ترشّف الماء قليلًا قليلًا كان أسكن للعطش. وعلى قولي: تمنّى المستهام الخ قول بعضهم: لقد كنت جلدًا قبل أن توقد النوى ... على كبدي نارًا بطيئًا خمودها ولو تركت نار الهوى لتضرّمت ... ولكنَّ شوقًا كلّ يوم يزيدها وقد كنت أرجو أن تذوب صبابتي ... إذا قدمت أيّامها وعهودها فقد جعلت في حبّة القلب والحشا ... عهاد الهوى تولي بشوق يعيدها بمرتجه الأرداف هيفٌ خصورها ... عذابٌ ثناياها عجافٌ قيودها مخصرّة الأوساط زانت عقودها ... بأحسن ممّا زيّنتها عقودها وصفرٌ تراقيها وحمرٌ أكفّها ... وسودٌ نواصيها وبيضٌ خدودها يمنيننا حتّى ترفُّ قلوبنا ... رفيف الخزامى بات طلٌّ يجودها ويروى أنّ منها: ولي نظرة بعد الصدود من الجوى ... كنظرة ثكلى قد أُصيب وليدها هل الله عاف عن ذنوب تسلّفت ... أم الله إن لم يعف عنها معيدها فمعنى قولي: تمنّي المستهام أنّها تريه من الإمارات في أحوالها وأقوالها ما يقرب إلى ظنّه الظفر بحصول ما تشتهيه نفسه من وصالها بحيث يبقى متشوّفة نفسه إلى أن يحظى بتلك الإرادة متوقّعًا حصولها، وهذا الطمع ممّا جرت به العادة. وما أحسن قول البحتري في صفة الأحوال المطمعة: إنّ في السّرب لو يساعفنا السرب ... شموسًا يمشين مشيًا وئيدا يتدافعن بالأكفّ ويعرضن ... علينا علوارضًا وخدودا وما أحلى قول أبي حيّة النميري: ألمّا بسلمى قبل أن ترمي النوى ... بنافذة نبض الفؤاد المتيّم يقف عاشق لم يبق من روح نفسه ... ولا عقله المسلوب غير التوهّم فقلنا لها سرًّا فدنياك لا يرح ... صحيحًا وإن لم تقتليه فالممي فألقت قناعًا دونه الشمس واتّقت ... بأحسن موصولين كفٍّ ومعصم ومن المطمعات الرقّة واللين في الكلام كما وصفه الله عزّوجلّ فقال: (لا تَخْضَعْنَ بالقَوْلِ فَيَطْمَعَ الّذي في قَلْبِهِ مَرَض) وقال بعض الشعراء، وأحسن في ذلك ما شاء: ومستخفيات ليس يخفين زرننا ... يسحبن أذيال الصبانة والشكل جمعن الهوى حتّى إذا ما ملكنه ... نزعن وقد أكثرن فينا من القتل موارق من ختل المحبّ عوارف ... بختل أولى الألباب بالجدّ والهزل مريضات رجع القول خرس عن الخنا ... تألّفن أهواء القلوب بلا بذل ولآخر: بيض حرائر ما هممن بريبة ... كظباء مكّة صيدهنّ حرام يحسبن من لين الكلام زوانيًا ... ويصدّهنّ عن الخنا الإسلام وللمتنبّي: أفدي ظباء فلاة ما عرفن بها ... مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب ولا برزن من الحمام مائلةً ... أوراكهنّ صقيلات العراقيب ولآخر: وإذ دعونك عمّهنّ فإنّه ... نسب يزيدك عندهنّ خبالا ولآخر: وكانت تسمّيني أخاها تعلّلًا ... فقلت لها أفسدت عقل أخيك وإنّي لأستحسن لبعض شعراء عصرنا المسمّى بملاّ محمّد التبريزي قوله وفيه التورية: وقائلة عمّي وما أنا عمّها ... ولكنّني أفدي بعمّي خالها وعلى ذكر التمنّي فما أحسن قول مهيار الديلمي: أتمنّى والمنى جهد المقلّ ... واقضي الدهر في ليت وهل وأسوّي كلف العيش إذا ... أظلمت لي بطلاوات الأمل سلوة وهي الغرام المشتكى ... وتعاليل أسىً هنَّ العلل قيل: إنّ بعضهم تمنّى في منزله فقال: ليت لنا لحمًا نطبخ منه سكباجًا، فما لبث أن جاء ابن جاره بصفحة وقال: أغرفوا لنا قليلًا من المرق، فقال: إنّ جيراننا يشمّون رائحة الأماني. ولذا قيل: الأماني بضائع النوكى. وقيل: التمنّي رأس مال المفلس. وعلى ذكر الطمع ما روي أنّه تخاصم رجلان عند دير، فقال أحدهما: أير هذا الرّاهب في حر أُمّ الكاذب، فما لبث أن نزل الراهب منعضًّا وهو يقول: أيّكما الكاذب. ويقال: إنّ بعضهم اجتاز بدارا فسمع صاحبها يقول لزوجته: إن لم أحمل عليك ألف رجل فما أنا برجل، فجلس على الباب إلى أن أعيى ثمّ قام وضرب الباب وقال: تحمل على هذه القحبة أو نمضي.

1 / 159