وهذا بخلاف الأمر بالمجموع، والإخبارعن ثبوت المجموع، لأن وجوب المجموع يقتضي وجوب كل فرد من أراده، والإخبار عن ثبوته إخبار عن ثبوت جميع أفراده، فظهر الفرق بين النهي، والنفي، والأمر، وخبر الثبوت، فلذلك يثبت الإلزام في الأولين دون الآخرين.
الاحتمال الخامس: أن تكون صيغة العموم موضوعة للمشترك بين أفراده بقيد العدد، وهو أيضًا باطل، لأن مفهوم العدد أمر كلي، ومفهوم المشترك أمر أيضًا كلي، والقاعدة العقلية: أن إضافة الكلي إلى الكلي يكون المجموع المركب منها كليًا، فيكون الموضوع له كليًا، فيكون اللفظ مطلقًا يقتصر بحكمه على فرد من أفراده، لأن هذا هو شأن المطلق، والمطلق كان هو فهو كلي، وكون العام مطلقًا يقتصر به على فرد من أفراده باطل لما تقدم.
وأما الاحتمال السادس: أن يكون مسمى لفظ العموم هو القدر المشترك بقيد سلب النهاية فهو باطل أيضًا، لأن المعنى حينئذ يكون في مثل قوله تعالى: «ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق»، لا تقتلوا النفوس بقيد سلب النهاية، فمن قتل ألفا لم يخالف ها النهي، فيؤول البحث إلى عدم الاستدلال به على ثبوت حكمه لفرد من أفراده في النفي والنهي، دون الأمر وخبر الثبوت، وقد تقدم إبطاله.
1 / 163