ضعفت سواعد المساعدة وانحسمت مواد المواددة وذهب الحب في الله كامس الدابر وماله من قوة ولا ناصر وخلت الخلة عن الصدق والوفاء فلا ترى الا خليلا خليا عن الصفاء
(وقال) ابو فراس شارحا عن احوال الناس :
اقلب طرفي لا ارى غير صاحب
يميل مع النعماء حيث تميل
اكل خليل هكذا غير منصف
وكل زمان بالكرام بخيل
وان استندت الى ذي جاه وقدر من زيد وعمرو فأنت مرفوع الى الرأس ومحمول على الحدق وان كنت اعيا من باقل واحمق من هبنق وان عريت عن الاستناد فانت بمعزل عن الاعتداد وان كنت افصح من سحبان وائل وأبلغ من قس اياد :
والناس قد نبذوا وراء ظهورهم
غر الوجوه وزمرة السعداء
والأخرقون بقية من عزة
واولو النهى منبوذة بعراء
ويالله من تولية العبيد على الاحرار وتقدم الصغار على الكبار وكساد سوق الفضائل والمعالي واستئثار الوضيع على الماجد العالي وفشو اللؤم والوقاحة وقلة الكرم والسماحة بحيث لم يبق من يلتجأ الى بابه ويرتجى من جنابه وما اصدق الاديب العاصمي حيث قال وأبان عن هذه الاحوال :
تسل فليس في الدنيا كريم
يلوذ به صغير او كبير
فربع المجد ليس به انيس
وحزب الفضل ليس بهم نصير
ولا أحد من الأحرار إلا
كسير يد النوائب
وما دخلت على احد طالبا من رفده ونواله ومستدرا من شآبيب نبله وأفضاله الا وقدتذكرت في تلك اللحة ما قاله جحظة :
قوم احاول نيلهم فكأنني
حاولت نتف الشعر من آنافهم
قم فاسقنيها بالكبير وغنني
ذهب الذين يعاش في أكنافهم
صفحه ۳۳۴