فرد عليهم الترجمان بقول ساري عسكر: ولأي شيء لم تمنعوا الرعية عما فعلوه من قيامهم ومحاربتهم لنا؟
فقالوا: لا يمكننا ذلك خصوصا وقد تقووا علينا بغيرنا، وسمعتم ما فعلوه معنا من ضربنا وبهدلتنا عندما أشرنا عليهم بالصلح وترك القتال.
فقال لهم: إذا كان الأمر كما ذكرتم، ولا يخرج من يدكم تسكين الفتنة ولا غير ذلك، فما فائدة رياستكم؟ وإيش يكون نفعكم؟ وحينئذ لا يأتينا منكم إلا الضرر، لأنكم إذا حضر أخصامنا كنتم وإياهم علينا، وإذا ذهبوا رجعتم إلينا معتذرين فكان جزاؤكم أن نفعل معكم كما فعلنا مع أهل بولاق من قتلكم عن آخركم، وحرق بلدكم، وسبي حريمكم وأولادكم.
اصفرت الوجوه وشحبت، وواصل الترجمان: لكن حيث إننا أعطيناكم الأمان فلا ننقض أماننا ولا نقتلكم، وإنما نأخذ منكم الأموال، فالمطلوب منكم عشرة آلاف ألف فرنك فرنساوي تدبرون رأيكم فيه، وتوزعونه على أهل البلد. ثم طلب أن يبقى منهم خمسة عشر شخصا رهينة حتى يتم دفع المبلغ.
وقام من فوره ودخل مع أصحابه إلى داخل، وأغلق بينه وبينهم الباب، ووقفت الحرسية على الباب الآخر يمنعون من يخرج من الجالسين، فبهت الجماعة، وامتقعت وجوههم، ونظروا إلى بعضهم البعض، وتحيرت أفكارهم.
ضحك أستاذي وقال: بقينا في حيرة إلى قريب المغرب حتى بال أكثرهم على ثيابه، وبعضهم شرشر ببوله من شباك المكان، هذا والنصارى والمهدي يتشاورون في تقسيم ذلك وتوزيعه وتدبيره وترتيبه في قوائم، حتى وزعوها على الملتزمين وأصحاب الحرف، حتى على الحواة والقردتية، المحبظين البهلوانات، والتجار، وأهل الغورية، وخان الخليلي، والصاغة، والنحاسين، والدلالين، والقبانية، وقضاة المحاكم وغيرهم. كل طائفة مبلغ له صورة مثل: ثلاثين ألف فرانسة، وأربعين ألفا، وكذلك بياعو التنباك والدخان والصابون، والخردجية، والعطارون، والزياتون، والشواءون، والجزارون، والمزينون، وجميع الصنائع والحرف، وعملوا على الأملاك والعقار والدور أجرة سنة كاملة. وحبسوا الصاوي وفتوح ابن الجوهري ببيت قائمقام، واختصوا الشيخ السادات بغرامة كبيرة. ثم إنهم وكلوا بالفردة العامة وجمع المال يعقوب القبطي وتكفل بذلك، وانفض المجلس على ذلك.
وطلب أستاذي من خليل أن يعد كشفا بما في الوكالة من مال وغير ذلك ليدفع المقرر عليه.
الأحد 4 مايو
لم أذهب إلى المجمع. وذكرت لأستاذي حادثة البصق وإني مكسوف من الذهاب إلى هناك بعد ما فعله الفرنساوية. فصمت طويلا ثم قال: كما تشاء.
الإثنين 5 مايو
صفحه نامشخص