الأحد 30 مارس
أرسلوا إلى مراد بك يطلبونه للحضور أو يرسل الأمراء والأجناد التي عنده، فأرسل يعتذر عن الحضور، ويقول: اقبلوا نصحي، واطلبوا الصلح مع الفرنساوية واخرجوا سالمين.
فلما بلغتهم تلك الرسالة حنق حسن بك الجداوي، وعثمان بك الأشقر وغيرهم وسفهوا رأيه، وقالوا: كيف يصح الأمر، وقد دخلنا إلى البلد وملكناها، فكيف نخرج منها طائعين؟ هذا مما لا يكون أبدا.
وعلق الجبرتي بأن مراد بك سبب خراب البلد.
الإثنين 31 مارس
استمر ضرب المدافع والقنابر والبنادق والنيران ليلا ونهارا، حتى كان الناس لا يهنأ لهم نوم ولا راحة ولا جلوس لحظة من الزمن، ومقامهم دائما أبدا بالأزقة والأسواق، وصارت مؤنة غالب الناس الأرز يطبخونه بالعسل وباللبن، ويبيعون ذلك في طشوت وأوان بالأسواق.
وفي كل ساعة تهجم العساكر الفرنساوية على جهة من الجهات ويحاربون الذين بها، ويملكون منهم بعض المتاريس؛ فيصيحون على بعضهم بالمناداة، ويتسامع الناس فيقولون: عليكم بالجهة الفلانية، الحقوا إخوانكم المسلمين. فيرمحون إلى تلك الخطة والمتاريس حتى يجلوهم عنها، وينتقلون إلى غيرها، فيفعلون كذلك. وكان المتحمل لغالب هذه المدافعات حسن بك الجداوي، فإنه كان عندما يبلغه زحف الفرنساوية على جهة من الجهات يبادر هو ومن معه بالذهاب لنصرة تلك الجهة.
هذا والأغا والوالي يكررون المناداة، وكذلك المشايخ والفقهاء، والسيد أحمد المحروقي والسيد عمر النقيب يمرون كل وقت ويأمرون الناس بالقتال، ويحرضونهم على الجهاد، وكذلك بعض العثمانية يطوفون مع أتباع الشرطة، وينادون باللغة التركية مثل ذلك.
الأربعاء 2 أبريل
عم الشغب أنحاء المدينة، وتسلل بعض الرعاع ومعهم أسلحة وكرات نار إلى قلب سوق النصارى، ثم دخلوا إلى درب الجنينة وأغلقوا البوابة الكبيرة، ووضعوا خلفها أحجارا كثيرة. وعندما بلغت الأخبار يعقوب اندفع وخلفه أعوانه واتجهوا إلى معاصر الزيت السيرج في الجهة الشرقية من داره وفتحوا أبوابها فخرج مئات من فحول الجاموس والبقر تجمعت أمام بوابة درب الجنينة. وأمر جنوده برشق أجسامها بأسنة الرماح، فاندفعت فحول الجاموس والبقر نحو البوابة تزحزح أحجارها الثقيلة وتفتحها. عندئذ هجم الجنود على الرعاع وقبضوا عليهم.
صفحه نامشخص