صافحني وانصرف. وقادني حنا إلى الخارج. تبعته صامتا فلم أجد ما أقوله، فهي أول مرة أسمع فيها حديثا عن استقلال مصر.
الأربعاء 25 ديسمبر
رويت لأستاذي كيفية مقابلتي مع حنا ودخولي قلعة المعلم يعقوب، فقال: كيف احتملت زفارة أبدانهم. قلت إني لم أشم أي زفارة. ورويت له ما قاله المعلم يعقوب عن المشايخ، فبهت ولم يعلق بكلمة. وعندما ذكرت له حديث المعلم عن استقلال مصر أشاح بيده غاضبا: هذا ما حاوله وفشل فيه علي بك الكبير. فالدول العظمى لا تريد ذلك.
الجمعة 27 ديسمبر
لم يشر أستاذي في طياراته إلى حديث المعلم يعقوب.
السبت 28 ديسمبر
تبسط معي جاستون في الحديث بطريقة أثارت دهشتي. وبدأ بذكر صعوبة عمل علاقة بالمصريات. وحكى لي عن مغامرة له عندما كان بدمياط. وكان يسكن في شارع يؤدي إلى المسجد الرئيسي للمدينة. ويقف يرقب النساء وهن في طريقهن إلى المسجد. ولفت نظره واحدة ممشوقة القوام يبدو عليها الثراء، شعر أنها ترمقه بعينيها كلما مرت. وذات يوم تشجع وحياها بالتحية العسكرية فإذا بها تضع يدها اليمنى على قلبها.
وفي المساء جاءته خادمة لها فرنسية من مارسيليا اختطفها بعض القراصنة من قرابة 20 سنة وباعها لأحد بكوات مصر فجعلها وصيفة لنسائه. قالت إن سيدتها عمرها 19 سنة، وكانت زوجة لأحد البكوات الذين قتلوا في معركة إنبابة، فهربت من القاهرة وجاءت إلى دمياط لاجئة إلى تاجر تركي ثري اتخذها زوجة وهو يكن لها كل احترام. وأعطته الخادمة رسالة باللغة الفرنسية من سيدتها تعترف له فيها بالحب، وتطلب منه أن يأتي عند التاجر.
قال جاستون: أنت تعرف أن الفرنسي مقدام في الحب كما في الحرب؛ فذهبت فورا إلى المتجر لشراء بعض الأقمشة ووجدت المرأة تجلس بالقرب من صاحبه. ولم يكن يكسو وجهها سوى وشاح كبير يشف عما وراءه بقدر يسمح بتمييز الملامح. وانتهزت فرصة انهماك التاجر في البحث عن أحد أثواب القماش فرفعت حجابها قليلا لأرى وجها رائع الجمال. أرسلت لها قبلة بيدي واشتريت بعض القماش، وبعد يومين عدت بحجة شراء بضاعة جديدة. وإذا بالتاجر يطلب مني أن ألقن المرأة بعض دروس الحساب والنحو الفرنسي ليعهد إليها بحساباته ومراسلاته مع التجار الفرنسيين. طبعا وافقت بكل سرور. وقادني إلى غرفة ملحقة بدكانه وأحضر لي زوجته الفاتنة لأبدأ معها الدرس الأول.
شعرت بعدم الارتياح عندما بدأ قصة دروس اللغة.
صفحه نامشخص