ولهذا كان اختلاف ألوان الشعور عائدا إلى اختلاف المواد الداخلة في تركيبها على تباين الأشخاص، ولما كانت هذه المواد مستمدة من الجسم البشري حق لنا أن نتخذها دليلا على بعض الأمور التي ننسبها إلى الجسم المذكور.
واختلف الناس في نسبة الجمال إلى ألوان الشعر، فالإفرنج يفضلون الشعر الذهبي، وأما العرب فيفضلون الشعر الأسود، ويدلك على ذلك ما نظموه من الأشعار في التغزل به، كقول ابن المعتز:
سقتني في ليل شبيه بشعرها
شبيهة خديها بغير رقيب
فأمسيت في ليلين بالشعر والدجى
وخمرين من راح وخد حبيب
وقول زياد بن حمل وفيه مثال الجمال عند العرب:
وبالتكاليف تأتي بيت جارتها
تمشي الهوينا وما تبدو لها قدم
سود ذوائبها بيض ترائبها
صفحه نامشخص