259

علل النحو

علل النحو

ویرایشگر

محمود جاسم محمد الدرويش

ناشر

مكتبة الرشد

ویراست

الأولى

سال انتشار

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م

محل انتشار

الرياض / السعودية

(٣٥ - بَاب الِاسْتِثْنَاء)
إِن قَالَ قَائِل: لم وَجب أَن ينصب الْمُسْتَثْنى من الْمُوجب، نَحْو: جَاءَنِي الْقَوْم إِلَّا زيدا، وَلم يجز الْبَدَل مِنْهُ، كَمَا جَازَ فِي النَّفْي، نَحْو: مَا جَاءَنِي أحد إِلَّا زيد؟
فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن الْبَدَل مُسْتَحِيل، وَذَلِكَ أَن الْمُبدل مِنْهُ يجوز أَن يقدر كَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَام، وَإِذا قَدرنَا على هَذَا، صَار اللَّفْظ: جَاءَنِي إِلَّا زيد، لِأَنَّهُ يُوجب مَجِيء الْعَالم بأجمعهم إِلَيْهِ سوى زيد، وَلَيْسَ يَسْتَحِيل هَذَا فِي النَّفْي، لِأَنَّك إِذا قلت: مَا جَاءَنِي أحد إِلَّا زيد، فَالْكَلَام صَحِيح، لِأَنَّهُ يجوز أَن ينفى مَجِيء الْعَالم سوى مَجِيء زيد، فَلذَلِك لم يجز الْبَدَل فِي الْإِيجَاب.
فَإِن قَالَ قَائِل: (٥٥ / أ) فَلم صَار الْبَدَل فِي النَّفْي أَجود من النصب على الِاسْتِثْنَاء؟
فَفِي ذَلِك جوابان:
أَحدهمَا: أَن الْبَدَل مُطَابق للفظ مَا قبله، وَمَعْنَاهُ وَمعنى الِاسْتِثْنَاء سَوَاء، فَلَمَّا كَانَ الْمَعْنى وَاحِدًا، كَانَت مُطَابقَة اللَّفْظ أولى من اخْتِلَاف يُوجب تَغْيِير حكم، فَلذَلِك كَانَ الْبَدَل أَجود.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن الْبَدَل يجْرِي فِي تعلق الْعَامِل بِهِ كمجراه فِي سَائِر الْكَلَام وَيعْمل فِيهِ من غير تَشْبِيه، فَغَيره والمنصوب على الِاسْتِثْنَاء يشبه بالمفعول بِهِ، فَكَانَ مَا يجْرِي على الأَصْل أقوى من الْمُشبه.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَهَلا جعلتم (إِلَّا) هِيَ العاملة فِي الِاسْتِثْنَاء دون التَّشْبِيه بالمفعول؟

1 / 395