151

علل النحو

علل النحو

ویرایشگر

محمود جاسم محمد الدرويش

ناشر

مكتبة الرشد

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م

محل انتشار

الرياض / السعودية

الْأَفْعَال ضَعِيفَة فِي الْعَمَل، وَوَجَب أَن يحمل الْخَبَر على مَا اعْتقد عَلَيْهِ الْكَلَام، وَهُوَ الْيَقِين، وَجعل الْفِعْل فِي هَذَا الْموضع فِي تَقْدِير الظّرْف، وَإِن أوجب شكا فِي الْجُمْلَة، كَقَوْلِك: زيد منطلق فِي ظَنِّي فَلَمَّا كَانَ قَوْلك: (فِي ظَنِّي) لَا يعْمل فِيمَا قبله، جعل أَيْضا: زيد منطلق ظَنَنْت، كَأَنَّك قلت: فِي ظَنِّي.
وَأما من أعمل الْفِعْل إِذا توَسط أَو تَأَخّر، فَلِأَنَّهُ حمل الْكَلَام على مَا فِي نِيَّته من الشَّك، فَصَارَ الْفِعْل - وَإِن تَأَخّر - مقدما فِي الْمَعْنى، فَلهَذَا جَازَ إعماله.
فَإِن قَالَ قَائِل: فقد وجدنَا الْعَرَب تَقول: حسبت ذَاك، فتكتفي باسم وَاحِد، وَكَذَلِكَ تَقول: حسبت أَن زيدا منطلق، ف (أَن) وَمَا بعْدهَا فِي تَقْدِير اسْم، لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة الْمصدر، كَأَنَّك قلت: حسبت انطلاق زيد، وَلما تكلم بِهَذَا التَّقْدِير لم يَصح؟
قيل: أما قَوْلهم: حسبت ذَاك. فَفِيهِ وَجْهَان:
أَحدهمَا: أَن يكون ذَاك إِشَارَة إِلَى الْمصدر، كَأَنَّك قلت: حسبت ذَاك الحسبان، وكل فعل يجوز أَن يقْتَصر على فَاعله، إِن شِئْت عديته إِلَى الْمصدر أَو الظّرْف أَو الْحَال، فَلَمَّا كَانَ لَيْسَ يُرَاد بِهِ الْمُبْتَدَأ حَتَّى يحْتَاج إِلَى خبر، جَازَ قَوْلك: حسبت ذَاك، فَجرى مجْرى (حسبت) فَقَط.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن (ذَاك) يعبر بِهِ عَن الْجُمْلَة، فَلَمَّا صَار عبارَة عَن الْجُمْلَة

1 / 287