وهذا لا يصح عندنا، لان العلم بالبلدان، والوقائع، وما جرى مجراهما، هذا الحد موجود فيه، وعند كثير من أصحابنا مكتسب قطعا، وعند بعضهم هو على الوقف، فلا يصح ذلك على الوجهين معا.
على أن ذلك انما يصح على مذهب من يقول ببقاء العلوم، فأما من قال إن العلم لا يبقى فلا معنى لهذا الكلام عنده، لأنه لا يبقى وقتين، فيصح طرو الشبهة في ذلك أو الشك، فيعتبر صحة انتفائه بهما أولا، وانما يتجدد حالا بعد حال، اللهم الا أن يراد بذلك انه لا يصح أن يمنع منه ابتداءا، فان أريد به ذلك فذلك يوجد في العلم الاستدلالي الذي لم يقارنه الضروري (1) *، لأنه في حال حصول العلم أيضا لا يمكنه دفعه عن نفسه، وإن لم يكن ضروريا. وانما يصح أن يدخل الشبهة أو الشك عليه فيمنعا من وجود مثله في الثاني، أو يدخلا في طريقه قبل حصوله، فيمنعا من توليده، فأما حال حصوله فلا يصح على حال، فعلم بذلك ان الصحيح ما قلناه.
اللهم [الا] أن يراد بذلك ما أمكن ذلك فيه على وجه، فان أريد ذلك كان صحيحا على مذهبه، ولا يصح ذلك على مذهبنا، لما قلناه من العلم الحاصل بالبلدان والوقايع.
والعلوم الضرورية على ضربين:
ضرب منهما: يحصل في العاقل ابتداءا (2) *، وهو مثل العلم بان الموجود لا يخلو من أن يكون قديما أو غير قديم، وان الجسم الواحد لا يخلو من أن يكون في مكان أو لا يكون فيه، وان الذات لا بد من أن يكون على صفة أو لا يكون عليها، وتعلق
صفحه ۱۴