تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين
تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين
ژانرها
ولأنني لم أستطع العمل بمجال العلم طيلة اليوم، فقد قرأت خلال هذين العامين قدرا كبيرا في مختلف الموضوعات، ومنها بعض الكتب المتعلقة بموضوعات ما بعد الطبيعة، غير أن مثل هذه الدراسات لم تكن تناسبني. وفي هذه الفترة، كنت أستمتع كثيرا بشعر ووردزوورث وكولريدج، ويمكنني الفخر بأنني قد قرأت قصيدة «النزهة» بأكملها مرتين. وقبل ذلك، كانت قصيدة «الفردوس المفقود» لميلتون هي المفضلة عندي، وحتى في جولاتي في أثناء رحلة «البيجل»، حين كان يتوجب علي اختيار كتاب واحد، فدائما ما كنت أختار كتابا لميلتون. (4) من زواجي 29 يناير 1839 والإقامة في شارع أبر جاور، إلى مغادرة لندن والاستقرار في داون في 14 سبتمبر 1842 [بعد أن يتحدث عن حياته الزوجية السعيدة وأطفاله، يواصل قائلا]:
في أثناء فترة إقامتنا في لندن، وهي التي استمرت لثلاث سنوات وثمانية أشهر، لم أنجز الكثير في مجال العلوم، بالرغم من أنني كنت أعمل فيها جاهدا قدر استطاعتي، وقد عملت فيها أكثر مما عملت في أي فترة مقابلة على مدى حياتي بأسرها. وقد كان ذلك بسبب ما يعتريني من توعك متكرر، وبسبب مرضي الشديد الذي امتد لفترة طويلة. وحين كنت أتمكن من القيام بأي شيء، كنت أخصص الجزء الأكبر من وقتي لعملي عن «الشعاب المرجانية»، والذي كنت قد بدأته قبل زواجي، والذي جرى تصحيح بروفة الطباعة الأخيرة منه في السادس من مايو عام 1842. لقد استغرق مني هذا الكتاب عشرين شهرا من العمل الشاق، بالرغم من صغر حجمه؛ إذ كان علي قراءة كل ما كتب عن جزر المحيط الهادئ، وكذلك الرجوع إلى العديد من الخرائط. لقد حظي الكتاب بتقدير كبير من جانب رجال العلم، وأعتقد أن النظرية التي يتضمنها قد أصبحت الآن راسخة.
لم أبدأ أيا من أعمالي بمثل هذه الروح الاستدلالية التي بدأت بها هذا الكتاب؛ فقد تشكلت النظرية بأكملها على الساحل الغربي لأمريكا الجنوبية، وذلك قبل أن أرى أي شعاب مرجانية في الواقع؛ لذا، لم يكن علي سوى أن أتثبت من صحة آرائي وأعززها من خلال الفحص الدقيق للشعاب المرجانية الحية. بالرغم من ذلك، فيجب أن أشير إلى أنني قضيت هذين العامين في دراسة تأثير زيادة الارتفاع في الأرض على نحو متقطع، مع عوامل التعرية وترسب الرواسب، على سواحل أمريكا الجنوبية. ولا شك في أن هذا قد دفعني إلى التفكير مليا في آثار الهبوط، وقد كان من السهل جدا أن أستبدل في خيالي بالترسب المستمر للرواسب ازدياد نمو المرجانيات. ولكي أتمكن من القيام بذلك، كان علي أن أشكل نظريتي عن تكون الحيود المرجانية والجزر المرجانية الحلقية.
وإضافة إلى عملي على الشعاب المرجانية في أثناء إقامتي في لندن، قرأت على الجمعية الجيولوجية بعض الأوراق البحثية عن الجلاميد الصخرية المنجرفة بفعل الأنهار الجليدية في أمريكا الجنوبية،
6
والزلازل،
7
وكذلك عن دور دود الأرض في تكوين العفن.
8
كما أنني قد واصلت الإشراف على نشر كتابي «دراسة حيوانات رحلة «البيجل»». ولم أتوقف قط عن جمع الحقائق المتعلقة بأصل الأنواع، وكنت أفعل ذلك أحيانا حين يقعدني المرض عن القيام بأي شيء آخر.
صفحه نامشخص