عزة بنت الخليفة
عزة بنت الخليفة: رواية تمثيلية ذات فصل واحد
ژانرها
إذن فاعلمي أن هناك قوة في هذه الدنيا غريبة تسمى النور، والنور هذا يا بنيتي كالرياح الحائرة أو الزوبعة الثائرة، إنما يأتي من السماء يسبح مثلها ويسير عجلا كأنما هو الخاطر الجائل، فإذا سقط على شيء بين شكله للعين وميز صورته للمقلتين، وإذا سألت: ما النور؟ قلت: هو قريب من الحرارة. ولقد كانت لك هذه القوة البصرية وأنت في مهدك، ثم فقدتها عيناك بسبب حادث كبير، فحجبت عنك بفقدها محاسن الدنيا وكنوز هذا الكون، ولقد حزنا للأمر حزنا عظيما، وجاهدنا ولكن لم يكن جهدنا معك يا بنيتي ليعوض عليك إلا قليلا مما فقدت، لم نستطع إلا أن نخفف عنك من الآلام ما لم يكن لك بد من تحمله، وذلك بإخفاء السبب عنك والمحاذرة من علمك به، وبالغنا في إنكاره عنك حتى أسقطنا من الحديث كلمات الرؤية والنظر، ومحونا من الكلام ألفاظ النور والبصر.
عزة :
يا أبت لا أدري عما تكلمني، يبدو لي قولك في خطورة وعظم ولكني لا أفهم فحواه، كذلك كان الغريب الذي جاءني اليوم، يحدثني عن هذا البصر حديثا ينزل إلى أعماق نفسي ولكني لم أفهمه. قل لي يا أبتاه ما هذا البصر؟ أأستطيع بهذا البصر أن أنظر صوته الذي ناجى نفسي منه ما فيه من شجو وسرور؟ أأستطيع أن أبصر هذا الحنو أيضا؟ أأقدر أن أرى نغمة البلبل الغرد الذي يتنقل من فنن إلى فنن ثم لا أتبينه إلا في خيالي ووهمي؟ أيشبه صوت هذا البلبل زهرة صغيرة في طيب عرفها وعبيرها وإن خالفها في صورة غصنها وحرير ملمسها؟
الخليفة :
واأسفاه يا ابنتي! كل سؤال منك يخرق صدري، ويشوك قلبي شوكا أليما، غير أني لا أزال أرجو من الله أن يرد بصرك إليك ويفتح للنور عينيك، ذلك أملي يا ابنتي منذ حدث لك الحادث وبه كانت علالتي وعلى تحقيقه وقفت حياتي، فهذا صديقك ومعلمك ابن يحيى شيخ الأطباء قد استخار الله في مداواتك، فأنفق جهده واستدر علمه حتى يرى لك من حياتك ساعة ينجع فيها طبه وينفع دواؤه، ولقد جاءت الساعة فثقي به يا ابنتي، اذهبي معه، اذهبي إلى غرفتك، هذي عائشة معك وستنامين الآن نوما هنيئا، (بتأثر شديد)
فلعلك تفيقين وقد زال عنك البأس ورد إليك البصر وتبينت نور السماء بإذن الله (تعود عائشة) .
عزة :
ماذا يحزنك يا أبتي؟ إني أسمع أنين قلبك واضطراب نفسك، ألا يسعدك أن تجيء الساعة التي طال ارتقابك إياها ونظرك لها؟ هب أن آمالك اليوم لا تتم فماذا يصيبك؟ إني سأظل بعدها كما كنت: ابنتك التي تحبك وتحبها، تنعم بهذا الحب وترضى بما قسم الله لها. مر لي الآن أن أذهب.
الخليفة :
يا بنيتي!
صفحه نامشخص