كما أن من تقوده مثل هذه السعادة الفاشلة هو إما يعرف تقلبها وإما لا يعرف، فإذا كان لا يعرف فأي سعادة يمكن أن تكون في عمى الجهل؟ وإذا كان يعرف فلا بد أنه في خوف من ضياع ما يعلم أنه عرضة للضياع، ولا بد أن هذا الخوف المتصل يحول بينه وبين السعادة، فإذا كان يرى أن احتمال ضياعها هو أمر غير ذي بال، فلا بد أن الخير الذي يتحمل المرء فقدانه بلا اكتراث هو خير ضئيل حقا.
وما دمت، كما أعلم، تؤمن إيمانا تاما، ببراهين لا حصر لها، أن روح الإنسان لا يمكن أن تفنى، وحيث إن من الواضح أن السعادة القائمة على الحظ تنتهي بموت الجسد، فقد تبين بما لا يدع مجالا للشك أنه إذا كان الموت يذهب بالسعادة، فإن الجنس البشري بأسره يكون صائرا إلى الشقاء عند حد الموت، غير أننا نعرف أن كثيرا من الناس قد التمسوا بهجة السعادة الحقيقية من خلال الموت، بل من خلال العذاب والتضحية، يبدو إذن أن السعادة التي لا يشقى البشر بفقدانها لا يمكن أن تجعلهم سعداء بوجودها!
من يرد أن يشيد بيتا
لا تزعزعه الريح التي تزمجر من الشرق،
ولا يتهدده البحر بأمواجه الطامية،
فليتجنب ذرى الجبال
ومنبسط الرمال الظمأى،
فالأولى تأخذ لطمة ريح الشمال العاتية،
والثانية تذوب تحت ثقلها وتنوء بحملها؛
ليتجنب المآل الوبيل
صفحه نامشخص