فإنه يرى كل ما سيحدث في المستقبل رؤية مسبقة ذات يقين مطلق، المستقبل إذن «محتوم»
determined «مختوم»
sealed
لا يملك أحد تغييره، وكل ما سيحدث فهو محدد سلفا بضرورة مطلقة، تقيد أفكار الإنسان وأفعاله بمسلك واحد في الحدوث ما دام البشر مدفوعين للخير أو الشر لا بإرادتهم بل بضرورة قاهرة لما يتعين أن يكون.
لا وجود إذن لحرية الإرادة البشرية، وإذا انتفت حرية الإرادة تنتفي معها المسئولية ولا يعود هناك معنى ولا سند للثواب والعقاب، في الأولى والأخرى، ولا يكون للفضيلة ولا الرذيلة أي وجود،
12
ولا تأثير للرجاء والدعاء.
كيف يمكن ل «الفلسفة» أن تنقذ الموقف؟ كيف تفض هذا الاشتباك بحيث يبقى كل من «العلم المسبق» و«حرية الإرادة» قائمين دون أن ينفي أحدهما الآخر؟
تقول «الفلسفة»: «أولا، ثمة حرية إرادة، فحرية الإرادة جزء من ماهية العقل وطبيعة التعقل، الفكر حر بحكم التعريف، فمن غير الممكن أن توجد طبيعة عقلية من دون حرية إرادة، فما من كائن يمكنه بالطبيعة استخدام عقله إلا وله قوة الحكم التي يمكنه بها، بدون أي عون آخر، أن يتخذ القرار في كل أمر، وأن يميز بنفسه بين الأشياء التي يريدها والأشياء التي يتجنبها ... كل ما لديه عقل فلديه أيضا حرية أن يريد أو لا يريد.»
حرية الإرادة، إذن، أمر واقع لا ريب فيه، ويبقى أن ننظر في مسألة «سبق العلم الإلهي» وكيف يقوم على مستوى لا يتقاطع مع حرية الإرادة الإنسانية، ولا يمارس عليها تأثيرا عليا:
صفحه نامشخص