عزاء الفلسفة

عادل مصطفى d. 1450 AH
214

عزاء الفلسفة

عزاء الفلسفة

ژانرها

de facto

ملكا مستقلا، ولكنه ظل يعتبر نظريا، أو رسميا

de jure - وفي عين الرومان أيضا - أشبه ب «فايسروي» (نائب ملك)

Viceroy ، أي تابع لإمبراطور القسطنطينية في مملكة واحدة موحدة، وبقي هذا النظام متبعا من قبل تيودوريك ملك القوط عندما خلف أودويسر عام 493م، وقد كتب إلى الإمبراطور أناستاسيوس يقول: «مملكتنا اقتداء بمملكتك، نسخة من الإمبراطورية الوحيدة في الأرض.»

كان تيودوريك (471-526م) ملكا قوطيا عادلا حكيما، يتسم بالشجاعة والذكاء، تلقى تعليما راقيا في القسطنطينية، واستطاع أن يفرض السلام والنظام في ربوع إيطاليا، وباعتباره ملكا على البرابرة و«فايسروي» نائبا للإمبراطور فقد نجح في تأسيس تعايش سلمي بين الرومان والقوط، وفي عهده ازدهرت الصناعة وساد الأمن وأعيد تشييد المباني وشق القنوات، واستطاع أن يجذب إلى خدمته رومانيين ذوي مكانة مثل ليبيريوس وكاسيودوروس وبوئثيوس.

وكان تيودوريك مسيحيا ولكن على المذهب الأرياني (من أتباع أريوس، شأن القوط جميعا، وهي نحلة هرطقية تذهب إلى أن الأب والابن ليسا جوهرا واحدا)، أدت هذه الهرطقة إلى انشقاق الكنيسة، ورغم ذلك استطاع تيودوريك بحكمته وقوته أن يدير دفة الحكم في مدينة البابا وعاصمة الكاثوليكية، وظل على علاقة ودية مع رجال الكنيسة، وبسط ظل التسامح وحرية العبادة (باستثناء الوثنية) في أرجاء مملكته.

كان دخول بوئثيوس إلى عالم السياسة والمناصب العامة مدفوعا بحبه للواجب، وامتثالا لدعوة أفلاطون إلى حكم الفلاسفة، وكانت دروس الفلسفة هي مرشده وهاديه في أداء وظائفه، كان من الطبيعي لرجل نزيه مستقيم الخلق مثل بوئثيوس أن يصطدم بمكر الساسة، وأن يثير على نفسه حسد الحاسدين، وقد نجح زمنا في كبت ضراوة القوط ودفع ظلمهم إذ كان يحظى بثقة الملك وإعجابه، غير أن هذه الأحوال لم تكن لتدوم طويلا .

في عام 484م حدث انشقاق بين الشرق والغرب حين أدان البابا البطريرك البيزنطي أكاسيوس، كان هذا الانشقاق أمرا من شأنه أن يزيد استقلال تيودوريك عن الشرق، كما أن عداء البابا ورجال الكنيسة الإيطاليين للقسطنطينية هو أيضا تيار موات له وشيء يصب في صالحه، أم بالنسبة لكل روماني يعز عليه تفكك الإمبراطورية وينظر إلى القسطنطينية نظرة ولاء خاص، فكان الانشقاق يبعث على الأسى، من بين هؤلاء كان سيماخوس ودائرة حوله تضم كثيرا من أعضاء مجلس الشيوخ، وتضم بوئثيوس الذي كانت رسائله اللاهوتية تقدم، فيما تقدم، إسهاما متواضعا من جانبه لحل النزاع، ولقد حل النزاع رسميا عام 519م، وإن استمرت الخلافات بعض الوقت، خلال ذلك كان بوئثيوس يقف مع الشرق، ولعل الشرف الذي ناله عام 522م بتولي ابنيه القنصلية كان في الأصل اقتراحا من إمبراطور الشرق جستينوس (يوستينوس) بإيعاز من واحدة من أقارب بوئثيوس تعيش في القسطنطينية.

1

كان لانتهاء الشقاق نتائج سياسية ولاهوتية، فقط نشطت دعوة لتدعيم مجلس الشيوخ، بل إن الوفاق بين الشرق والغرب مثل تهديدا لوضع تيودوريك، وعاد الرومان ينظرون إلى إمبراطور الشرق باعتباره مليكهم الحقيقي وبقي تيودوريك في نظرهم ذلك الغازي المهرطق.

صفحه نامشخص