بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمه التحقيق
الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير.
والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وسيد المرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، ومن تولاه ربه بالعناية والرعاية، وعصمه من الخطأ والزلل، وفتح به عيونًا عميًا، وآذانًا صمًا، وقلوبًا غلفًا، وعلى أله وصحبه، وبعد:
علوم الإسلام المنبثقة عن القرآن والسنة متنوعة واسعة، وجميعها جليلة القدر، عالية المنزلة؛ وذلك لشرف موضعها، ولعل أشرفها مكانة وأعلاها منزلة، ما يتعلق بمعرفة الله سبحانه، وصفاته، وأسمائه، وكلامه، وما يتفرع عليها من أحوال النبوة، والملائكة والمغيبات، وهو ما يتناوله علم التوحيد، أو علم الكلام.
والحق أن علم الكلام، وهو: أصول جدل المتكلمين في هذا العلم.
1 / 5
وسبب نشوئه: تفرق الأمة فرقًا شتى، كمل عدها ثلاثا وسبعين فرقة كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "افترقت بنو إسرائيل على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فرقة ناحية، وثنتين وسبعين في النار".
إلا ما خرج عن الملة فلا يعد منها، فما زاد عن الثلاث والسبعين لا يطعن صحة الحديث المتقدم، ولا يصح في العقل والشرع اعتبارها منها؛ فإنه لا ينطبق عليها اسم الملة، وعدها منها حمق وشطط، فالفرق الرئيسة خمسة، وعن كل ظهرت فرق أخرى بانقسامها على نفسها، ويمكن العود إلى كتب الملل والفرق، لمعرفتها بالتفاصيل، أما الفرق الرئيسة فهي أهل السنة، والشيعة، والخوارج، والمرجئة، والقدرية، أما المعتزلة فليست فرقة مستقلة على الصحيح، بل تقاسم الاعتزال أكثر الفرق عدا السنة.
أما قبل ظهور علم الكلام، فما كان للمسلمين سوى السنة، ويتناقلها الناس حتى بدأ ظهور الفرق المختلفة، وذلك بتعريب الكتب الفلسفية، اليونانية، والهندية، والفارسية، نعم قبل هذا كانت فرق منشؤها ظروف سياسية لا عقائدية بحتة، فضلًا عن مؤامرة اليهود، وعملهم على إشعال فتنة مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان ﵁، والتي كانت بداية اختلاف الأمة.
فقام أهل الحديث يدفعون عن عقائدهم المروية بالاسانيد إلى النبي صلي الله عليه وسلم، ويناضلون في سبيل إظهار الحق كما عرفوه، وإظهار شين بدعة
_________
١ رواه ابن بطة في: الإبانة: صـ ٨، وروى نحوه ابن ماجه: ١٣٢٢/١، وأبو داود: ٢٥٩/٢، والترمذي: ٢٦،٢٥/٥، والدرامي: ٢٤١/١، وابن حبان ذكره في: موارد الظمآن: صـ ٤٥٤، والإمام أحمد في: المسند: ٣٣٢/٢، ١٤٥،١٢٠/٣، ١٠٢/٤، وأبو يعلى والطبراني في: الأوسط والكبير، كما ذكر في: مجمع الزوائد: ٢٥٨/٧ بأسانيد تتراوح بين الصحة والحسن والضعف.
1 / 6
الكلام، وفلسفة أهل الأهواء، الذين اعتمدوا الفلسفة مصدرًا لفهم العقائد، وأسلوبًا للتفكير فيها، ورد ما أثبته الكتاب، ونطقت به السنة، والاحتجاج بها على عقائد السلف، واعتبارها حقائق لا يمكن للناس مخالفتها، فكانوا يستدلون بأحكام الكلام لإحكام معاني الآيات والآثار، مع أن القرآن والسنة يستدل بها، ولا يستدل عليها، فما سلم لهم ذلك إلا بصرف الصفات عن حقائقها، والقول بمجازها.
قال أبو بكر الصديق ﵁: "السنة حبل الله المتين، فمن تركه فقد قطع حبله من الله".
وقال ابن عمر: "من ترك السنة كفر".
وقال عمر بن عبد العزيز: "السنة إنما سنها من علم ما جاء في خلافها من الزلل، وأنهم كانوا على المنازعة والجدل أقدر منكم".
وقال إسحق بن عيسى: سمعت مالك بن أنس يعيب الجدل في الدين، ويقول: "كلما جاءنا رجل هو أجدل من رجل أردنا أن نترك ما جاء به جبريل إلى النبي صلي الله عليه وسلم".
وقال سعيد بن جبير: "لأن يصحب ابني فاسقًا، شاطرًا، سُنِّيًّا، أحب إليَّ من أن يصحب عابدًا مبتدعًا".
وقال ابن المبارك: "من تعاطى الكلام تزندق"١.
واستمر الناس على ذلك، حتى اشتد الأمر على أهل السنة سنة ٢١٨هـ، وفيها أمر المأمون، نائبه على بغداد، إسحاق بن إبراهيم بأن يمتحن العلماء بمسألة خلق القرآن٢، فأجاب البعض خوفًا، والبعض الآخر بالحيل؛ للخلوص من الفتنة، وثبت قليل مجاهرون بالحق، ربط الله على
_________
١ ما تقدم من أقوال، فعن الإبانة - لابن بطة العكبري: صـ ١٤ - ٤٧.
٢ البداية والنهاية: ٢٧٢/١٠.
1 / 7
قلوبهم، وهم إمامنا أحمد، والقواريري، وسجادة، ومحمد بن نوح١،ثم أجابوا إلا الأخير الذي مات قبل وصوله إلى المأمون، والأمام أحمد رضوان الله عليه٢، الذي لقي العنت في سبيل إحياء السنة، وثبات الناس عليها، ثم تابع ذلك بقية حياته ناشرًا لها، حاضًا على تلقيها وتعملها، وكان لهذه الفتنة أكبر أثر في تمسك عامة المسلمين بعقائد السلف، واستمرارهم عليها حتى أزماننا هذه إلا من لحق منهم بأهل التأويل والتعطيل.
أشهر المصنفات في هذا العلم:
١- كتاب الفقه، المنسوب للإمام أبي حنيفة المتوفى سنة ١٥٠ هـ، لكن أرى أن الأيدي قد عبثت ببعض المواضع؛ وذلك لوجود خلاف بين ما فيه وبين عقيدة الطحاوي، والذي ذكر أنها عقيدة أبي حنيفة وأصحابه.
٢- كتاب الإمام أحمد إلى مسدد بن مسرهد، وهو من مراجع تحقيق هذا الكتاب، ذكره القاضي ابن أبي يعلى في: الطبقات، في ترجمة مسدد.
٣- كتاب خلق أفعال العباد: للإمام محمد بن إسماعيل البخاري، المتوفى سنة ٢٥٦ هـ.
٤- كتاب التوحيد، وإثبات صفات الرب: للإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة، المتوفى سنة ٣١١ هـ.
٥- العقيدة الطحاوية: للإمام محمد بن أحمد بن سلامة الطحاوي، المتوفى سنة ٣٢١هـ.
٦- الإبانة الصغرى والكبرى: لابن بطة العكبري، المتوفى سنة ٣٨٧ هـ.
٧- كتاب التوحيد، ومعرفة أسماء الله تعالى، وصفاته: للإمام محمد بن إسحاق بن منده الأصبهاني، المتوفى سنة ٤٧٠هـ.
_________
١ البداية والنهاية: ٢٧٤/١٠.
٢ النعت الأكمل: صـ ٤٣، وانظره لمعرفة تفاصيل القصة.
1 / 8
٨- الرد على الجهمية: للإمام عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي، وهو ابن أبي حاتم، صاحب الجرح والتعديل، المتوفى سنة ٣٢٧هـ.
٩- لمعة الاعتقاد: للإمام موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، المتوفى سنة ٦٢٠هـ.
١٠- مختصر نهاية المبتدئين: للشيخ بدر الدين محمد البلباني، المتوفى سنة ١٠٨٣هـ.
١١- غالب مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية، المتوفى سنة ٧٢٨هـ. كالحموية الكبرى، والواسطية، وشرح العقيدة الأصفهانية، وكتبه في الفن، لا تحصى أو لا تكاد.
١٢- الصواعق المحرقة، على الجهمية والمعطلة، واجتماع الجيوش الإسلامية، والكافية الشافية، وكلها للإمام شمس الدين محمد ابن قيم الجوزية، المتوفى سنة ٧٥١ هـ.
١٣- الدرة المضية، في عقد أهل الفرقة المرضية، وشرحها: لوامع الأنوار البهية، وسواطع الأسرار الآثرية، لشرح الدرة المضية: للشيخ العلامة محمد بن أحمد السفاريني، المتوفى سنة ١١٨٨ هـ.
١٤- مختصر لوامع الأنوار.... للشيخ حسن الشطي، المتوفى سنة ١٢٤٧ هـ.
هذا وإن كتب أصحابنا في هذا الباب كثيرة جدًا، بحيث قل منهم من لم يكتب شيئًا في السنة، أما لنفسه أو لخاصة تلامذته، منها ما عرف واشتهر، ومنها ما بقي مطوي الذكر، وكان من بينها كتاب العين والأثر هذا الذي بين أيدينا.
1 / 9
التعريف بكتاب العين والأثر في عقائد أهل الأثر
كتاب لطيف، قسمه مؤلفه إلى ثلاثة مقاصد:
الأول: فيما نص عليه الإمام أحمد ﵁.
الثاني: فيما وقع فيه الخلاف بين الأثرية والأشعرية.
الثالث: في المسألة الأهم، مسألة القرآن، والتي هي لب اختلاف أكثر فرق الأمة، والمؤلف في هذا المقصد ينقل عن الأشعرية: كالسيد الشريف الجرجاني، والشهرستاني، والإيجي، وكذا عن بعض الصوفية، كالملا عبد الرحمن الجامي، وابن عربي، وبصرف النظر عن رأينا في رد تلك الأقوال التي تصدر عن هؤلاء، وحكم مطالعة كتبهم، فإن المؤلف نقل عنهم ما نحتج به على من يتولونهم، مع مخالفتهم لهم في حقيقة الأمر، هذا، وأن المؤلف لم ينقل عن الفتوحات المكية مباشرة، بل عن الجامي الذي نقل عن الفتوحات.
وصف المخطوط:
يقع المخطوط في ١٣ ورقة، من القطع الصغير، أبعادها: ١٢×١٧ سم تقريباَ، في الصفحة ٢٧ سطرًا وسطيًا، في السطر ١١ - ١٤ كلمة، والخط معتاد مقروء، وهي محفوظة في مكتبة المدرسة الأحمدية بحلب.
جاء آخرها:
صورة تأريخ مؤلفه: تم الكتاب بعون الملك الوهاب، ضحوة الجمعة لثلاثة أيام خلت من شهر صفر الذي هو من شهور سنة واحد وتسعين وألف ... إلخ، غير أن الشيخ توفي سنة واحد وسبعين وألف، فيكون فيما تقدم من تأريخ لتمام الكتاب تصحيف سببه ناسخ الكتاب، صحف سبعين
1 / 10
إلى تسعين، فالمؤلف على الصحيح من التأريخ أتم كتابه قبل وفاته بأحد عشر شهرًا إلا ستة أيام تقريبًا.
منهاج التحقيق:
منهاج تحقيق الكتاب واضح فيما يأتي من نسخ المخطوط، ثم تصحيح الاختلافات الإملائية، وتصويب التصحيفات –وهي قليلة-، وعزو المسائل إلى مصادرها، ومقابلة ما ينقله المصنف على أصله، وغالبه مطبوع، أما غير المطبوع، فقد قابلته على كتب مطبوعة نقلته عن المصدر الأصلي، وتخريج الأحاديث والآيات، وشرح بعض ما قد يخفى، وترجمة الأعلام.
وقد وضعنا ما أضفناه على متن الكتاب بين حاصرتين [] .
وقد حرصنا في تحقيقنا على تخريج المسائل على نصوص الإمام أحمد ﵁، فيما نقل عنه بالأسانيد المتصلة الصحاح، وعلى أقوال من جاء بعده، كالشيخ القدوة الإمام عبد القادر الجيلاني قدس الله روحه ورضي عنه، وعلى أقوال من بعده كشيخ الإسلام ابن تيمية، وغيره إلى زمن المؤلف، ومن بعده كالشيخ حسن الشطي صاحب: لوامع الأنوار البهية؛ لنزيل بذلك وهم من توهم عدم صحة نسبة هذه الأقوال إلى الإمام أحمد ﵀.
1 / 11
ترجمة المؤلف
مدخل
...
ترجمة المؤلف:
لا بد لنا قبل أن نسرد ترجمة هذا الإمام الكبير، مؤلف كتاب العين والأثر، أن نذكر موارد هذه الترجمة.
لم يترجم له ممن أدركه إلا الأمين المحبي في: خلاصة الأثر١، وكمال الدين الغزي في: النعت الأكمل٢، واعتمد من ترجم للشيخ عبد الباقي على ما دونه المحبي، كأصحاب إيضاح المكنون، ومعجم المؤلفين، والأعلام٣.
أما كمال الدين الغزي، فقد أخذ مادة ترجمت للشيخ عبد الباقي عن ثبت الشيخ نفسه، فإنه كعادة أهل الحديث ترجم لنفسه في ثبته، والذي ألفه أساسًا للشيخ برهان الدين الكوراني نزيل المدينة المنورة، والذي أخذ عنه، وطلب منه الإجازة، فكان من ذلك ثبت من أمتع وأجمع ما كتب من أثبات في القرن الحادي عشر، ثم أخذ شيئًا من خلاصة الأثر، ولم يتم الترجمة، فإنه ينقصه المؤلفات ووفاة صاحب الترجمة، وترك كمال الدين الغزي شيئًا من بداية الثبت، أخذناها من مختصر الثبت المطبوع في دمشق، واسمه: رياض أهل الجنة، بآثار أهل السنة.
_________
١ انظر: ٢/ ٢٨٣.
٢ النعت الأكمل: لأصحاب الإمام أحمد بن حنبل: صـ ٢٢٣-٢٧٧.
٣ الأعلام: للزركلي: ٤٥/٢ ط. القاهرة.
1 / 13
فكل ما نذكره استفدناه مما قدمنا، خلاصة الآثر، والنعت الأكمل، ومختصر رياض أهل الجنة، فما لا تجده في أحدها، تجده في الاثنين الآخرين، وقد قسمنا ترجمة الشيخ عبد الباقي إلى عشرة أقسام:
١- نسبه، وأخبار أسرته، ومكانتهم.
٢- ولادته.
٣- طلبه للعلم، ورحلته في تحصيله.
٤- شيوخه ومجيزوه.
٥- أعلى أسانيده.
٦- مناقبه، وثناء العلماء عليه.
٧- دروسه.
٨- تلامذته.
٩- مؤلفاته.
١٠- وفاته.
١- نسبه، واخبار أسرته، ومكانتهم: هو عبد الباقي بن عبد الباقي بن عبد القادر بن عبد الباقي بن إبراهيم بن عمر بن محمد البعلي، وهؤلاء أهل علم وتقوى، والده من أهل العلم، وجده الشيخ عبد القادر وصفه الشيخ عبد الباقي بخطيب المسلمين، وجمع أوصافه لهم في ثبته قائلًا: عبد الباقي تقي الدين الحنبلي ابن الشيخ عبد الباقي ابن خطيب المسلمين الشيخ عبد القادر زين الدين ابن مفتي الموحدين عبد الباقي علامة المتبحرين ابن الشيخ إبراهيم بن عمر بن محمد الشهير أولًا بابن البدر، والآن بابن فقيه فصَّة. وبغض النظر عن دقة هذه الأوصاف، فآباؤه كانوا من رجال العلم ومن بينهم مفتٍ، ولم يقف سير ركب العلم في هذه العائلة، فابن الشيخ عبد الباقي محمد أبو المواهب ت١١٢٦هـ، أفتى، ودرس، وصنف، وكان من أكابر الصالحين مقرئًا محدثًا، وحفيده عبد الجليل بن أبي المواهب
١- نسبه، واخبار أسرته، ومكانتهم: هو عبد الباقي بن عبد الباقي بن عبد القادر بن عبد الباقي بن إبراهيم بن عمر بن محمد البعلي، وهؤلاء أهل علم وتقوى، والده من أهل العلم، وجده الشيخ عبد القادر وصفه الشيخ عبد الباقي بخطيب المسلمين، وجمع أوصافه لهم في ثبته قائلًا: عبد الباقي تقي الدين الحنبلي ابن الشيخ عبد الباقي ابن خطيب المسلمين الشيخ عبد القادر زين الدين ابن مفتي الموحدين عبد الباقي علامة المتبحرين ابن الشيخ إبراهيم بن عمر بن محمد الشهير أولًا بابن البدر، والآن بابن فقيه فصَّة. وبغض النظر عن دقة هذه الأوصاف، فآباؤه كانوا من رجال العلم ومن بينهم مفتٍ، ولم يقف سير ركب العلم في هذه العائلة، فابن الشيخ عبد الباقي محمد أبو المواهب ت١١٢٦هـ، أفتى، ودرس، وصنف، وكان من أكابر الصالحين مقرئًا محدثًا، وحفيده عبد الجليل بن أبي المواهب
1 / 14
ت ١١١٩هـ إمام في المعقولات واللغة، وابن حفيده محمد بن عبد الجليل بن أبي المواهب ١١٤٨هـ كان مفتي الحنابلة بدمشق، عالمًا فاضلًا بارعًا، وحفيد حفيده عبد القادر بن محمد بن عبد الجليل الشهير بالمواهبي ت ١١٥٦ هـ، شيخ فاضل لبيب محصل، وحفيده من ابنه سعودي عبد المحسن بن سعودي بن عبد الباقي، فقيه عمدة في المذاهب، وحفيد ابنه محمد، محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن عبد الباقي.....،الشهير بإمام الرابعة، قاضي الحنابلة وإمامهم في الجامع الأموي ت ١١٦٣ هـ، ومن أبناء أحفاده أحمد بن عبد الجليل بن محمد أبي المواهب بن عبد الباقي ت ١١٧٢ هـ، مفتي الحنابلة بدمشق، وبقي كذلك حتى وفاته، ومنهم: إبراهيم بن محمد بن عبد الجليل بن أبي المواهب ت ١١٨٨ هـ، فقيه بارع، وجلس لإقتاء الحنابلة بعد أخيه أحمد إمام الرابعة، وحتى وفاته.
وهؤلاء خمسة عشر عالمًا بعضهم من بعض، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وذكر أيضًا أنه: "لم يعهد لنا جد إلا وهو حنبلي".
ومما يجدر بيانه أن نسبة المواهبي المثبتة أول الكتاب لم يشتهر بها في حياته، وإنما جاءت فيما بعد زمن أحفاده، أصلها لقب ابنه أبي المواهب محمد بن عبد الباقي، فاستمرت مع ابنائه دون أبناء أخيه سعودي، فربما أطلقت عليه لأنه جد العائلة، وقد اشتهرت بهذه النسبة.
٢- ولادته: ولد الشيخ عبد الباقي البعلي ببعلبك، ليلة السبت ثامن عشر ربيع الثاني سنة / ١٠٠٥هـ / خمس وألف، وقد أرخ لمولده والده الشيخ عبد الباقي بن عبد القادر بن فقيه فصة، على ظهر كتاب الإقناع في الفقه للشيخ موسى الحجاوي، وهذه عادة العلماء المتقدمين، إذ كانوا كثيرًا ما يؤرخون لمن يولد لهم، ولأبنائهم على كتبهم، فإنه أحفظ وأثبت إذا كانت بيد الوالد أو الجد، ثم انتقل به صغيرًا إلى دمشق.
٢- ولادته: ولد الشيخ عبد الباقي البعلي ببعلبك، ليلة السبت ثامن عشر ربيع الثاني سنة / ١٠٠٥هـ / خمس وألف، وقد أرخ لمولده والده الشيخ عبد الباقي بن عبد القادر بن فقيه فصة، على ظهر كتاب الإقناع في الفقه للشيخ موسى الحجاوي، وهذه عادة العلماء المتقدمين، إذ كانوا كثيرًا ما يؤرخون لمن يولد لهم، ولأبنائهم على كتبهم، فإنه أحفظ وأثبت إذا كانت بيد الوالد أو الجد، ثم انتقل به صغيرًا إلى دمشق.
1 / 15
٣- طلبه للعلم، ورحلته في تحصيله:
بدأ بحفظ القرآن الكريم على والده الذي تولى إقراءه بنفسه من شدة اعتنائه به، وكان له من العمر عشر سنوات، ثم تيتَّم بعد ذلك، وبدأ بطلب العلم سنة / ١٠١٧هـ / لما كان له اثنتا عشرة سنة، فقرأ في الفقه على القاضي محمود بن عبد الحميد الحميدي، سبط الشيخ موسى الحجاوي، وعلى القاضي الشيخ شهاب الدين أحمد الوفائي المفلحي، حتى سنة / ١٠٢٩ هـ /.
ثم دخل مصر سنة / ١٠٢٩ هـ /، وله أربع وعشرون سنة، فقرأ في الفقه على الشيخ منصور البهوتي الحنبلي، والشيخ عبد القادر الدنوشري الحنبلي، والشيخ مرعي الكرمي، والشيخ يوسف الفتوحي سبط ابن النجار.
وأخذ القراءات عن الشيخ عبد الرحمن اليمني، والحديث عن الشيخ إبراهيم اللقاني، شيخ الجامع الأزهر، والشيخ أحمد المقرئ المغربي المالكي، والفرائض عن الشيخ محمد الشمرلسي، والشيخ زيد العابدينبن أبي دري المالكي، والعروض عن الشيخ محمد الحموي، وأخذ شيئًا من المنطق، والعربية على الشيخ محمد البابلي، وحضر دروسه كثيرًا، واستمر على ذلك إلى سنة / ١٠٣٢ هـ /، وفيها عاد إلى دمشق محملًا بإجازات الأشياخ بالفنون المذكورة وغيرها، ومأذونًا له بالتدريس والإفتاء، ومدة بقائه بمصر ثلاث سنوات، وقرأ بعد عودته لدمشق، على الشيخ عمر القاريء، في النحو والمعاني والحديث والأصول، وأجازه كتابة، واستمر في دمشق حتى سنة / ١٠٣٦هـ / ست وثلاثين وألف، وفيها توجه إلى مكة حاجًّا حجة الإسلام، فأخذ عن جماعة من علماء مكة، من أَجَلِّهِم الشيخ محمد علي بن علَّان الصديقي، وأجازه، وأخذ في المدينة عن جماعة منهم الشيخ عبد الرحمن الخياري، ثم عاد إلى دمشق، وربما كانت هذه خاتمة رحلاته في البلاد، إذ أنه سنة / ١٠٤١ هـ / تصدَّر للإقراء.
1 / 16
٤- شيوخه ومجيزوه:
ذكر منهم جملة في ثبته، وأتم بقيتهم الأمين المحبي في تاريخه، وهم:
أ- في دمشق:
١- القاضي محمود بن عبد الحميد الحميدي، سبط الحجاوي، قرأ عليه في الفقه.
٢- القاضي الشيخ أحمد الوفائي المفلحي، قرأ عليه في الفقه.
٣- الشيخ شمس الدين محمد الميداني.
٤- الحافظ الإمام نجم الدين الغزي، قرأ عليه في الغالب علم الحديث.
٥- الشيخ عبد الرحمن العمادي المفتي.
٦- الشيخ عمر القارئ، قرأ عليه في النحو والمعاني والحديث والأصول.
ب- في مصر:
١- الشيخ منصور البهوتي، قرأ عليه في الفقه.
٢- الشيخ مرعي الكرمي، قرأ عليه في الفقه.
٣- الشيخ عبد القادر الدنوشري الحنبلي، قرأ عليه في الفقة.
٤- الشيخ يوسف الفتوحي سبط ابن النجار، قرأ عليه في الفقه.
٥- الشيخ عبد الرحمن اليمني، قرأ عليه في القراءات.
٦- الشيخ حجازي الواعظ، قرأ عليه في الحديث.
٧- الشيخ أحمد المقرئ المغربي المالكي، قرأ عليه في الحديث.
٨- الشيخ إبراهيم اللقاني المالكي، قرأ عليه في الحديث.
٩- الشيخ محمد الشمرلسي، قرأ عليه في الفرائض.
١٠- الشيخ زين العابدين بن أبي دري، قرأ عليه في الفرائض.
1 / 17
١١- الشيخ محمد الحموي، قرأ عليه في العروض.
١٢- الشيخ محمد البابلي، قرأ عليه في العربية والمنطق.
١٣- الشيخ عامر الشبراوي.
١٤- الإمام أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الوراث الصديقي، مفتي المالكية بمصر.
١٥- الشيخ أبو الحسن بن عبد الرحمن بن محمد الخطيب الشربيني.
١٦- الشيخ محمد بن جلال الدين بن أبي الحسن الصديقي الشافعي.
١٧- وجماعه من علماء الأزهر من أجلهم الشيخ عبد الجواد الجنبلاطي.
جـ - في مكة:
١ - جماعة منهم: محمد علي بن علَّان الصديقي.
٢- الشيخ عبد الرحمن المرشدي.
د - في المدينة:
جماعة من علمائها منهم الشيخ عبد الرحمن الخياري.
وقد أجازه كافة من ذكر من أهل مكة والمدينة ومصر ودمشق وبيت المقدس.
٥- أعلى أسانيده: قال في ثبته: أعلى أسانيدي في جميع مرويات الحافظ ابن حجر، وفى جميع كتب الحديث، عن الشيخ حجازي الواعظ، عن ابن أركماس من أهل غيط العدة بمصرعن الحافظ العسقلاني.
٦- مناقبه، وثناء العلماء عليه: كان فقيهًا متقنًا محررًا لفقهه، مقرئًا بارعًا، وشيخًا للقراء، محدثًا.
٥- أعلى أسانيده: قال في ثبته: أعلى أسانيدي في جميع مرويات الحافظ ابن حجر، وفى جميع كتب الحديث، عن الشيخ حجازي الواعظ، عن ابن أركماس من أهل غيط العدة بمصرعن الحافظ العسقلاني.
٦- مناقبه، وثناء العلماء عليه: كان فقيهًا متقنًا محررًا لفقهه، مقرئًا بارعًا، وشيخًا للقراء، محدثًا.
1 / 18
ضابطًا، مفتيًا لأهل مذهبه بعد شيخه شهاب الدين أحمد الوفائي المفلحي، محبًا للعلم ملازمًا لبثِّه وإقرائه، لا ينقطع عن الإفادة، ولا يشغله عنه شاغل، مهما عظم، صيفًا وشتاء، عيدًا أو نازلة.
ويكفينا في تبيان ذلك، أنه حضر الدرس ليلة وفاة زوجته، وأقرأ الطلاب، وأبقاها في الدار ميتة، ليدفنها من غد تلك الليلة.
وكذا ليلة عرس ولديه محمد وسعودي، حضر الدرس، وكان فيه نفع عظيم.
أثنى عليه شيوخه، وأجازوه، ووصفوه في إجازاته: بالشيخ الإمام العلامة النحرير الفهامة، إلى غير ذلك من الأوصاف اللائقة بذلك المحقق.
ولو لم يكن له من منقبة إلا ترحاله في طلب العلم لكفته، فما بالك بكثرة ما حازه من علم، وتمكنه من فقه المذهب والحديث والسنة، وكثرة الشيوخ والطلبة، وكونه مسندًا من أكابر مسندي القرن الحادي عشر، وكثرة ما أقرأه من كتب العلم في دروسه العامة، فضلًا عن دروسه الخاصة بتلامذته الذين نقلوا عنه علمه، وثناء شيوخه بما تقدم.
ومن تتبع تراجم أساتذته وجدهم أكابر عصرهم، ومقدمي بلادهم، وهذا يدل على روية وسعة أفق، وحسن اختيار، وأن الشيخ كان ينتقي من يقرأ عليه، لا أنه يطلب علمًا، فيلقي عصا الترحال عند أول من يلقاه مدرسًا لذلك العلم.
فإن ثنَّى على ذلك وتتبع تراجم تلامذته، - وسيأتي ذكرهم إن شاء الله قريبًا- وجدهم أيضًا من مشاهير الناس، وأكابر العلماء كأساتذته، وهذا حق لا مداهنة فيه ولا مبالغة، فإن ربط بين هؤلاء وهؤلاء بالشيخ عبد الباقي البعلي، بما له من مناقب، وجد أنه جمع علمًا جمًا عن جمع وأده إلى جمع جم، أخذه عن عظماء وأداه إلى من أضحوا به عظماء، فكان أمينًا على ما أنعم الله به عليه.
وأرى أنه مجدد ذلك العصر، وحامل لواء تلك المرتبة، فقد وصل بغالب العلوم العقلية والنقلية إلى مرتبة النظر والتحقيق والتحرير، على ما يشهد بذلك المحبي، وكمال الدين الغزي في كتابيهما.
1 / 19
٧- دروسه:
درس أولًا بعد عودته من دمشق، وحتى توجهه للحج من سنة /١٠٣٢- ١٠٣٦هـ/ ثم بعد الحج، وفى سنة / ١٠٤١ هـ/، تصدر للإقراء في الجامع الأموي، على وقتين: بكرة النهار، وبين العشاءين، قرأ في دروسه: الجامع الصغير في الحديث، مرتين، وتفسير الجلالين، مرتين، وقرأ صحيح البخاري، بتمامه، وصحيح مسلم، والشفا، للقاضي عياض، والمواهب، والترغيب والترهيب، للمنذري، والتذكرة، للقرطبي، وشرح البرأة، والمنفرجة، والشمائل، والإحياء، جميع ذلك كاملًا بطرفيه، وكان موضع درسه بمحراب الحنابلة أولًا، ثم اتقل إلى محراب الشافعية، لسبب لم يفصح عنه، ويمكن أن تكون كثرة الحاضرين، وضيق المكان عن احتوائهم سببًا لانتقاله لمحراب الشافعية، فالمكان هناك أوسع بكثير مما يلي محراب الحنابلة.
وهذه الدروس لابد أنها عامة، لا لخاصَّة تلاميذه الذين أخذوا عنه الفقه، فليس بينها درس في المذهب، والغالب على هذه الدروس علم الحديث، العلم الذي برع فيه، وأسند كتبه لمن بعده، والمسند إنما يسند كتب عمل الحديث في المقام الأول، أما ما وراء ذلك من مصنفات، فإنه يسندها في الجملة؛ حفاظًا على سلسلة اتصال الناس بأئمتهم، وإثبات الصواب وقبوله، ونفي الخطأ والكذب.
أما البراعة بعلم الحديث، فهي ظاهرة مميزة للحنابلة، فقلما تجد حنبليًا قليل البضاعة بعلم الحديث.
٨- تلاميذه: أخذ عنه خلق لا يحصون في دمشق، أَجَلُّهُم:
٨- تلاميذه: أخذ عنه خلق لا يحصون في دمشق، أَجَلُّهُم:
1 / 20
١- الشيخ حمزة بن يوسف الدومي، وهو قريب السن من الشيخ عبد الباقي.
٢- الشيخ عبد الحي العكري، أبو الفلاح، المعروف بابن العماد الحنبلي.
٣- الشيخ أحمد الدومي الحنبلي.
٤- ولده الشيخ محمد أبو المواهب بن عبد الباقي.
٥- الشيخ عبد القادر بن عبد القادر التغلبي.
٦- الشيخ برهان الدين إبراهيم الكوراني الشافعي، الذي اجتمعت فيه آلة الاجتهاد، وهو عين أعيان الشافعية في وقته.
٧- الشيخ عبد الغني النابلسي.
٨- الشيخ مصطفى بن سوَّار.
٩- الشيخ محمد البطنيني.
١٠- الشيخ أحمد الداراني.
١١- الشيخ عبد الحق الصفوري.
١٢- الشيخ رمضان بن موسى العطيفي، وأخوه الشيخ حسن.
٩- مؤلفاته: له شرح على الجامع الصحيح للبخاري، ولم يكمل، واقتطاف الثمر في موافقات عمر، عقد الفرائد في نظم من الفوائد، رياض أهل الجنة في آثار أهل السنة، تفسير قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا﴾، العين والأثر في عقائد أهل الأثر، وهو كتابنا هذا. فيض الرزاق في تهذيب الأخلاق، رسالة في قراءة عاصم. ونقل الزركلي عن صاحب السحب الوابلة قوله: "ولم تكن تصانيفه قدر علمه". يريد أن ما تركه لنا من مؤلفاته كان قليلًا لو قورن بما كان عليه من علم. جم، ولعل انصرافه إلى التدريس والتعليم ملأ وقته، وصرفه عن الإكثار من التأليف، ولا يفهم من عبارته انتقاص تصانيفه، ﵀.
٩- مؤلفاته: له شرح على الجامع الصحيح للبخاري، ولم يكمل، واقتطاف الثمر في موافقات عمر، عقد الفرائد في نظم من الفوائد، رياض أهل الجنة في آثار أهل السنة، تفسير قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا﴾، العين والأثر في عقائد أهل الأثر، وهو كتابنا هذا. فيض الرزاق في تهذيب الأخلاق، رسالة في قراءة عاصم. ونقل الزركلي عن صاحب السحب الوابلة قوله: "ولم تكن تصانيفه قدر علمه". يريد أن ما تركه لنا من مؤلفاته كان قليلًا لو قورن بما كان عليه من علم. جم، ولعل انصرافه إلى التدريس والتعليم ملأ وقته، وصرفه عن الإكثار من التأليف، ولا يفهم من عبارته انتقاص تصانيفه، ﵀.
1 / 21
١٠- وفاته:
استمر الشيخ عبد الباقي ﵀ على حالة الجميل، ناشرًا للعلم، مفيدًا للطالبين، حتى توفاه الله، واختاره إلى جواره، ليلة الثلاثاء سابع عشر ذي الحجة سنة / ١٠٧١ هـ /، ودفن بتربة الغرباء، ومن مقبرة الفراديس بدمشق، رحمه الله تعالى، وكافة العلماء العاملين.
1 / 22
مقدمة المؤلف
الحمد لله الذي يستدل على وجوب وجوده بديع ما له من الأفعال، المنزه١ في ذاته وصفاته عن النظائر والأمثال٢، أنشأ٣ الموجودات، فلا يعزب عن عمله مثقال، سبحانه من إله تنزه عن أن يدركه وهم، أو يحصره خيال، بل كل ما خطر بالبال فهو بخلاف ذي٤ الإكرام والجلال، أحمده سبحانه وأشكره٥، أنا هدانا لدينه الحق، وأزاح شبه الزيغ والضلال، وأتوب إليه وأستغفره من جميع الأخطاء والأخطال٦، وأساله لنا النجاة في يوم تزول منه الجبال.
_________
١ التنزيه: نفي النقص، وإثبات الكمال المطلق للخالق ﷿.
٢ النظير: المثل، وكل نظير مثل، وليس كل مثل نظير.
٣ أنشأ: الإنشاء هو الإيجاد من عدم، أما العدم فليس شيئًا، وقد رأيت من يدعي أنه شيء موجود في عماء، وفيه كافة الموجودات، فلما أراد الله خلق العالم وما فيه أخرجه من الظلام والعماء إلى النور، وهذا امتداد لمذهب وحدة الوجود، وعين مذهب الفلاسفة القائلين بقدم العالم، وكأنهم يشكون بقدرة الله على الإيجاد من لا شيء، مع تيقنهم وجود أنفسهم، فما استطاعوا التوفيق بينهما إلا بادعاء قدم العالم، وأن إيجاد الله لهم ما هو إلا أخراجهم من العماء إلى النور، وهذا أمر لا يخفى أنه كفر وزندقة، وممن يقول به أيضًا مصطفى محمود في: الوجود والعدم: صـ ٦١، وما بعدها.
٤ في الأصل: ذ، دون ياء، وهو قطعًا خطأ من الناسخ، وسيكرره قريبًا.
٥ في الأصل: أشره.
٦ الأخطال: جمع خطل، وهو الفحش، منه سمي الأخطل، لفحشه في الهجاء.
1 / 25
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، شهادة موحد له في الغدو والآصال.
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، نبي جاءنا ١ بدين قويم، فارتوينا بما جاءنا به من عذب زلال، اللهم صل٢ عليه وعلى آله وصحبه، الذي هم خير صحب وآل، صلاة دائمة متواترة على مرور الأيام والليالِ، وسلم تسليمًا، وبعد:
فقد طلب مني بعض الأصدقاء الذين لا تسعني مخالفتهم، أن أجمع مؤلفًا يشمل على مقاصد ثلاث، وتتمات خمس:
المقصد الأول: في المنصوص من عقائد الجنابلة عن الإمام أحمد ﵁.
المقصد الثاني: في ما وقع من المسائل الخلافية بن الحنابلة والأشاعرة، وذكر أدلة الحنابلة.
المقصد الثالث: في مسالة الكلام، وذكر ما نقل عن الإمام أحمد "﵁"، فاجبته إلى ذلك، وسميته بكتاب: العين والأثر في عقائد أهل الأثر٢، فأقول، وبالله التوفيق:
_________
١ في الأصل: جانا، على عادة النساخ في إسقاط الهمزة كتابة، وقد أثبتنا كل ذلك، ولن نشير إليها فيما بعد.
٢ في الأصل: صلي، بالياء، وهو خطأ.
٣ أهل الأثر: أهل الحديث، ومعتقدهم معتقد السلف الصالح، ولا يخالفونهم في شيء من ذلك، ولا يعدلون عنه إلى عقائد أهل الكلام والفلسفة والابتداع.
1 / 26
المقصد الاول
مدخل
...
المقصد الأول: فى المنصوص من عقائد الحنابلة:
وهو مشتمل على: أبوب، وخاتمة، وتتمة.
1 / 27