عون المعبود
عون المعبود شرح سنن أبي داود، ومعه حاشية ابن القيم: تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
١٤١٥ هـ
محل انتشار
بيروت
[٢١] (يَسْتَتِرُ مَكَانَ يَسْتَنْزِهُ) كَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِمُثَنَّاتَيْنِ مِنْ فَوْقُ الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ وَالثَّانِيَةُ مَكْسُورَةٌ وفي رواية بن عساكر يستبرىء بِمُوَحَّدَةٍ سَاكِنَةٍ مِنَ الِاسْتِبْرَاءِ فَعَلَى رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ معنى
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
كَانَ ثِقَة صَدُوقًا اِحْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي الصَّحِيح فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ كَانَ لَا يُحَدِّث عَنْهُ وَلَا يَرْضَى حِفْظه
قَالَ أَحْمَدُ مَا رَأَيْت يَحْيَى أَسْوَأ رَأْيًا مِنْهُ فِي حجاج يعني بن أرطاة وبن إِسْحَاقَ وَهَمَّامٌ لَا يَسْتَطِيع أَحَد أَنَّ يُرَاجِعهُ فِيهِمْ
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَسُئِلَ عَنْ هَمَّامٍ كِتَابه صَالِح وَحِفْظه لَا يُسَاوِي شَيْئًا
وَقَالَ عَفَّانَ كَانَ هَمَّامٌ لَا يَكَاد يَرْجِع إِلَى كِتَابه وَلَا يَنْظُر فِيهِ وَكَانَ يُخَالِف فَلَا يَرْجِع إِلَى كِتَاب وَكَانَ يَكْرَه ذَلِكَ
قَالَ ثُمَّ رَجَعَ بَعْد فَنَظَرَ فِي كُتُبه فقال يا عفان كنا نخطىء كَثِيرًا فَنَسْتَغْفِر اللَّه ﷿
وَلَا رَيْب أَنَّهُ ثِقَة صَدُوق وَلَكِنَّهُ قَدْ خُولِفَ فِي هَذَا الْحَدِيث فَلَعَلَّهُ مِمَّا حَدَّثَ بِهِ مِنْ حِفْظه فَغَلِطَ فِيهِ كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ
وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ الْمَشْهُور عن بن جُرَيْجٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عن أنس أن النبي ﷺ اِتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِق ثُمَّ أَلْقَاهُ
وَعَلَى هَذَا فَالْحَدِيث شَاذّ أَوْ مُنْكَر كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَغَرِيب كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ
فَإِنْ قِيلَ فَغَايَة مَا ذَكَرَ فِي تَعْلِيله تَفَرُّد هَمَّامٍ بِهِ وَجَوَاب هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدهمَا أَنَّ هَمَّامًا لَمْ يَنْفَرِد بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ
الثَّانِي أَنَّ هَمَّامًا ثِقَة وَتَفَرُّد الثِّقَة لَا يُوجِب نَكَارَة الْحَدِيث
فَقَدْ تَفَرَّدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ بِحَدِيثِ النَّهْي عَنْ بَيْع الْوَلَاء وَهِبَته وَتَفَرَّدَ مَالِكٌ بِحَدِيثِ دُخُول النَّبِيّ ﷺ مَكَّة وَعَلَى رَأْسه الْمِغْفَر
فَهَذَا غَايَته أَنْ يَكُون غَرِيبًا كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَأَمَّا أَنْ يَكُون مُنْكَرًا أَوْ شَاذًّا فَلَا
قِيلَ التَّفَرُّد نَوْعَانِ تَفَرُّد لَمْ يُخَالَف فِيهِ مَنْ تَفَرَّدَ بِهِ كَتَفَرُّدِ مَالِكٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَأَشْبَاه ذَلِكَ
وَتَفَرُّد خُولِفَ فِيهِ الْمُتَفَرِّد كَتَفَرُّدِ هَمَّامٍ بِهَذَا الْمَتْن عَلَى هَذَا الْإِسْنَاد فَإِنَّ النَّاس خَالَفُوهُ فِيهِ وَقَالُوا إِنَّ النَّبِيّ ﷺ اِتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِق الْحَدِيث فهذا هو المعروف عن بن جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَلَوْ لَمْ يُرْوَ هَذَا عن بن جُرَيْجٍ وَتَفَرَّدَ هَمَّامٌ بِحَدِيثِهِ لَكَانَ نَظِير حَدِيث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَنَحْوه
فَيَنْبَغِي مُرَاعَاة هَذَا الْفَرْق وَعَدَم إِهْمَاله
وَأَمَّا مُتَابَعَة يَحْيَى بن المتوكل فضعيفة وحديث بن الضُّرَيْسِ يُنْظَر فِي حَاله وَمَنْ أَخْرَجَهُ
فَإِنْ قِيلَ هَذَا الْحَدِيث كَانَ عِنْد الزُّهْرِيِّ عَلَى وُجُوه كَثِيرَة كُلّهَا قَدْ رُوِيَتْ عَنْهُ فِي قِصَّة الْخَاتَم فَرَوَى شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَلَّادِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ كَرِوَايَةِ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ هَذِهِ أَنَّ النَّبِيّ ﷺ اِتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِق وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ كَانَ خَاتَم النَّبِيّ ﷺ مِنْ وَرِق فَصّه حَبَشِيّ وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَطَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ نَصْرِ بْنِ حَاجِبٍ عَنْ يُونُسَ عن
1 / 26