بازگشت مرگ سیاه: خطرناکترین قاتل تاریخ
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
ژانرها
تكرر هذا النمط بحذافيره، وكذلك الدخول عبر إشبيلية في وباء طويل الأمد بدأ عام 1596. في الوقت نفسه وصل الوباء اللعين إلى ميناء سانتاندير الذي يقع على الساحل الشمالي لإسبانيا عندما رست سفينة روداموندو، محملة بالبضائع من ميناء دنكيرك الفرنسي. استشرى الوباء عام 1599 وانتشر على نطاق واسع في أنحاء شبه الجزيرة. فقدت مدينة شقوبية الصغيرة 12 ألفا من قاطنيها خلال 6 أشهر، وقد تفاعلت مع الطاعون بهمة ونشاط: فقد أنشئت المستشفيات المؤقتة، وأقيم الحراس عند أبواب المدينة للحيلولة دون دخول مصابين، ودفن الضحايا بسرعة، وحرقت فرش الأسرة. بلغ إجمالي عدد الوفيات خلال هذا الوباء الممتد ما يزيد عن النصف مليون نسمة. (4) الإمبراطورية الرومانية المقدسة
شكلت ألمانيا الحالية والنمسا وبوهيميا وهولندا وسويسرا جزءا كبيرا من الإمبراطورية الرومانية المقدسة إبان عصر الطاعون. على مدار المائتي عام التي تلت الموت الأسود، كان عدد محدود من حالات الطاعون يظهر على نحو متقطع في أنحاء المنطقة، وحتما وصلت هذه الحالات عن طريق مسافرين مصابين وافدين من فرنسا. كان الاستثناء الوحيد هو الثلاث السنوات التي تخللت عامي 1462 و1465، عندما استشرت أوبئة مريعة أودت بحياة الآلاف في مدن شديدة التباعد في ألمانيا. وهنا دليل آخر يوضح أن الطاعون كان يظهر دون سابق إنذار في كل أنحاء المكان. وكما هو الحال مع بقية أوروبا، يكمن التفسير في التوسع التجاري وانتقال التجار المصابين المزاولين أعمالهم كالمعتاد.
على مدار مائة عام عقب الموت الأسود، كانت هناك مجموعة من البلدات في الشمال تتصدر قائمة أكثر الأماكن التي وردت أنباء عن تكرار ظهور الطاعون بها، كانت هامبورج ميناء كبيرا على نهر إلبه وكانت بالفعل بلدة تجارية مزدهرة بحلول القرن الثالث عشر، وكان ميناء لوبيك هو المنفذ الرئيسي لتجارة بحر البلطيق.
عقب عام 1450، انتشرت الأماكن التي سجلت فيها أوبئة متكررة جنوبا بمحاذاة طريق التجارة الرئيسي للعصور الوسطى: لوبيك - هامبورج - ماجديبورج - نورنبرج - أوجسبورج. كان الطاعون يضرب هذه الأماكن على نحو متكرر وعنيف؛ ومن ثم ساد «الموت المرعب في كل الأرجاء في البلدات والريف»، وألغيت المهرجانات، وتفاقمت المعاناة بانتشار مجاعة. ها هي القصة نفسها تتكرر مرة أخرى: بؤس ورعب وموت. وسرعان ما تعلمت الطبقات الثرية ترك البلدات، إلا أن أغلب السكان لم يكن لديهم رفاهية هذا الاختيار.
تغير الموقف بعد عام 1450 واستمر حتى عام 1670. استمر الطاعون في الاستشراء على نطاق واسع، وكانت الأوبئة لا تزال تحدث في البلدات الشمالية، إلا أن موضع تمركزها الأساسي حيث يوجد أكبر عدد من الأوبئة أصبح حينذاك في الجنوب الغربي حيث تصدرت بازل وجنيف قوائم الأماكن الأكثر إصابة، بالإضافة إلى بأوجسبورج وبلدات أخرى على طريق التجارة المؤدي إلى ميلانو وإنسبروك والبندقية.
كما رأينا، احتلت جنيف مكانا مركزيا في أوروبا، وكانت نقطة تمركز مثالية لأوبئة الطاعون. وكانت أوجسبورج مدينة مهمة؛ فهي مقر الكرسي البابوي، وموطن التجار والمصرفيين النبلاء، ومركز هائل لتجارة أوروبا الشمالية والبحر المتوسط والشرق.
أما بازل فقد كانت ميناء نهريا كبيرا يقع على نهر الراين، وكانت منفذ سويسرا الوحيد إلى البحر، ونهاية ملاحة نهر الراين، ولقرون عديدة كان جسر ميتلير بروك في بازل هو الجسر الوحيد على نهر الراين. كانت المدينة مركزا تجاريا مزدحما. عانت بازل من وباء استمر 15 شهرا في الفترة ما بين 1610 و1611 عندما أصيب بالمرض نحو 6000 مواطن، من إجمالي السكان البالغ عددهم 15000 مواطن، ومات نحو 3600. هل هذا دليل على أنه بمرور العقود تعافى المزيد من الأفراد من عدوى الطاعون؟ (5) جزيرة الحقول الثلجية والأنهار الجليدية
اعتدنا الآن على مسألة قفز الطاعون عبر البحر المتوسط والقنال الإنجليزي، لكن ما أدهشنا بقوة هو معرفة أن أيسلندا عانت أيضا من وباءين حادين في مطلع القرن الخامس عشر ونهايته. رويت بالتفصيل قصة هذين الطاعونين المدمرين في مجتمع معزول، وهي تقدم أهم الأدلة وأكثرها إقناعا حتى الآن بشأن طبيعة هذا المرض.
كانت الرحلة البحرية من اسكتلندا، حيث موطن القوارب التي حملت أطقما مصابة، تقطع 1000 ميل (1660 كيلومترا)، ونظرا لأن المراكب المتاحة كانت بدائية، فلا بد أن هذه الرحلة كانت قد استغرقت وقتا طويلا للغاية، ربما أسبوعين أو أكثر في ظل الرياح العادية.
جرى بحث هذين الطاعونين في أيسلندا بحثا دقيقا، ومن المؤكد أن نفس المرض الذي أصاب البر الرئيسي لأوروبا كان هو المسئول.
صفحه نامشخص