بازگشت مرگ سیاه: خطرناکترین قاتل تاریخ
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
ژانرها
ليس من بيننا من لم يعرف عن وباء نقص المناعة البشرية، لكن ليس معلوما على نطاق واسع أن نسبة كبيرة من الأشخاص من ذوي الأصول الأوروبية لا يصابون بالمرض، حتى بعد التعرض المستمر له؛ فهم مقاومون لعدوى فيروس نقص المناعة البشرية.
عندما يدخل فيروس نقص المناعة البشرية الأساسي إلى جسم الإنسان، فإنه يستهدف مباشرة خلايا بيضاء بعينها في مجرى الدم ثم يدخل إليها من خلال مركب جزيئي موجود على غشائها الخارجي يطلق عليه باللغة التقنية المتخصصة «مستقبل سي سي آر 5». يعمل هذا المستقبل كممر دخول الفيروس (أو مدخل كيميائي له) إلى خلية الدم، وحالما يصبح الفيروس بداخل الخلية، يمكن أن يظل خاملا لسنوات عديدة قبل أن تظهر أعراض الإيدز أخيرا على الضحية. بيد أنه حالما يكون الفيروس بالداخل فإنه سرعان ما يبدأ في ممارسة أعماله الدنيئة، وسرعان ما تصبح الضحية مسببة للعدوى لسبب غير معروف لأحد. هنا تكمن المشكلة الأساسية في مكافحة انتشار فيروس نقص المناعة البشرية. نعلم أن المرض له فترة حضانة طويلة بنحو استثنائي تقاس بالسنين. يعمل مستقبل سي سي آر 5 أيضا كوسيلة لدخول فيروس الجدري الذي يسبب الورم المخاطي عند الأرانب، ويحتمل أن عوامل أخرى متعددة مسببة للعدوى تستخدم هذا المستقبل نفسه كمدخل سوف تكتشف قريبا. (2) الطفرة دلتا 32
ورث الأوروبيون الذين يتمتعون بمقاومة لعدوى فيروس نقص المناعة البشرية طفرة جينية في مستقبلات سي سي آر 5 الموجودة على خلايا الدم البيضاء لديهم، التي من شأنها الحيلولة دون عمل المستقبلات كممر لدخول الفيروسات. يطلق على هذه الطفرة سي سي آر 5-دلتا 32، والأشخاص الذين ورثوا زوجا من هذه الجينات الطافرة من كلا الأبوين يتمتعون تقريبا بمقاومة كاملة لعدوى فيروس نقص المناعة البشرية ، في حين أن أولئك الذين لديهم نسخة واحدة فحسب من الطفرة يتأخر بدء ظهور أعراض الإيدز عليهم.
مع أن هذه الطفرة تحدث بمعدل كبير في الجماعات العرقية الآسيوية الأوروبية اليوم، فإنها منعدمة بين سكان أفريقيا جنوب الصحراء والهنود الحمر والجماعات العرقية الشرق الآسيوية. وقد يكون هذا هو السبب وراء الانتشار السريع لفيروس نقص المناعة البشرية في أفريقيا جنوب الصحراء، في حين ربما تأخر تقدم حمل الطفرة في أوروبا. (2-1) متى ظهرت هذه الطفرة الواقية؟
متى ولماذا نشأت هذه الطفرة في المقام الأول؟ على أية حال، ظهر فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز لتنغيص عيش الجنس البشري فقط منذ بضعة عقود (وهي مدة زمنية لا تذكر من المنظور التطوري)، وعلى ما يبدو فإن الطفرة لم تكن ذات ميزة انتخابية في سباق التطور البشري المحموم قبل هذا الوقت.
يمكن أن نعبر عن هذا بعبارة أخرى: أي طفرة جديدة تكون عرضة بنسبة كبيرة للتلاشي في غضون بضع عشرات الأجيال لو لم تتمتع بميزة انتخابية واضحة في الأشخاص الذين يملكونها. إن حمل طفرة سي سي آر 5-دلتا 32 هو ميزة واضحة اليوم؛ إذ يمنح الحماية من مرض فيروس نقص المناعة البشرية الفتاك. لكن ترى ماذا كان يحتمل أن تكون فوائد حمل هذه الطفرة قبل ظهور فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز وانتشاره في أنحاء العالم في القرن العشرين؟ من المستبعد جدا أن تكون طفرة مستقبل سي سي آر 5 التي لم تمنح ميزة انتخابية للأفراد التي ظهرت لديهم قد تمكنت من الانتشار عشوائيا بين سكان أوروبا. بلغة مبسطة: إذا لم تقدم طفرة جديدة ميزة في الصراع من أجل البقاء، فإنها ستختفي في نهاية المطاف من الجماعة.
قدر علماء البيولوجيا الجزيئية باستخدام تقنياتهم البالغة التعقيد أن طفرة سي سي آر 5-دلتا 32 ربما ظهرت أول ما ظهرت في أوروبا منذ حوالي 2000 عام. ثمة إجماع عام على أن معدل حدوثها لا بد أن يكون قد ارتفع إلى النسب الحالية التي تشهدها أوروبا التي تبلغ ما بين 5 إلى 20 بالمائة بفعل حدث تاريخي وقع منذ حوالي 700 سنة، الذي يحتمل أن يكون وباء مرض معد استخدم نفس ممر الدخول الموجود على سطح الخلايا البيضاء، على غرار النوع الأول من فيروس نقص المناعة البشرية اليوم.
من الواضح أن الموت الأسود مرشح جيد لمثل هذه الكارثة؛ فالتوقيت مطابق لتوقيت ظهور الطفرة، وثمة طرح واسع النطاق وإجماع عام على أن الأشخاص القليلين الذين حالفهم الحظ في أوروبا إبان زمن الموت الأسود وكانوا يحملون طفرة سي سي آر 5-دلتا 32 قد نجوا بحياتهم وأنجبوا أطفالا حملوا أيضا الجين الطافر. بلغ معدل حدوث طفرة سي سي آر 5-دلتا 32 بين الأوروبيين في ذلك الوقت فردا واحدا في كل 40000 شخص تقريبا. كل أولئك الذين لم يحملوا طفرة سي سي آر 5-دلتا 32 (الأغلبية العظمى) والذين كانوا على اتصال فعلي بأحد المصابين لقوا حتفهم لا محالة. بهذه الطريقة، ارتفعت نسبة السكان الحاملين للطفرة ارتفاعا هائلا. ولعل بعضا ممن كانوا يحملون الطفرة أصيبوا بالطاعون النزفي لكنهم تعافوا، وعاشوا ليقاوموا ليوم آخر، واستمروا في إنجاب أطفال حمل معظمهم طفرة دلتا 32. (2-2) مشكلة هذه الفرضية لنشأة طفرة دلتا 32
ثمة اعتقاد راسخ لدى العلماء الذين اكتشفوا أن طفرة سي سي آر 5-دلتا 32 ظهرت في زمن الموت الأسود تقريبا بأن هذا كان وباء طاعون دبلي. ومن ثم، فلكي يجعلوا قصتهم ملائمة للحقائق، اضطروا إلى افتراض أن بكتيريا اليرسينية الطاعونية تدخل إلى خلايا الدم البيضاء عن طريق مستقبل سي سي آر 5. وقد رأينا نحن بالفعل الأدلة القاطعة التي تفيد بأنه لم يظهر قط وباء طاعون دبلي في أوروبا، لكن ثمة المزيد من الأدلة التي لا يمكن دحضها على أن نظريتهم خاطئة تماما:
لا تخترق بكتيريا مثل اليرسينية الطاعونية الخلية عبر المستقبل سي سي آر 5، ذلك الممر الذي تستخدمه بعض الفيروسات. يشير هذا إلى أن فيروسا وليس بكتيريا هو المسئول عن الطاعون النزفي.
صفحه نامشخص