عود على بدء
عود على بدء
ژانرها
وربما تعجبت لها وتساءلت: «أترى أمى لم تكن أمى، بل تبنتنى، وهذه هى أمى الحقيقية؟ وإذا لم يكن ذاك - وأرجو ألا يكون - فهل الأمومة عندها قوية إلى هذا الحد؟ ولكأنى بها تنظر إلى ضخامة جسمها، وذهابه طولا وعرضا، وضالة جسمى وهزاله فتحنو على، وترأمنى».
وأقول قد برمت بهذا العطف «الفاحش»: «ما كان ضر أمى لو نسيت أن توصينى بها قبل موتها»؟
ويجىء الطبيب، وهو يعرفها ويطيب له أن يعابثها، فيهول عليها بما أصابنى من برد أو غيره، فتروح تبكى وتندبنى، قبل الأوان سامحها الله! وينال الطبيب جزاءه أيضا. فتأخذ بتلابيبه ولا تدعه يبرح غرفتى إلا بحيلة يحتالها. ولولا ذلك لسجنته معى حتى أشفى. وكثيرا ما يقول لها: «يا ستى الحاجة الشفاء من الله، ولست إلا واسطة خير». فلا تقتنع ولا تطلق سراحه.
وأقول لامرأتى: «هاتى لى كل ما أمر الطبيب باجتنابه من الأكل».
فتسأل عن السبب فأقول: «إن هذه الحاجة لا تقتنع بأنى شفيت إلا إذا أكلت ما يأكل الناس. ولن تعفينى من عطفها ما لم أفعل. فاصنعى معروفا وأطعينى وأمرى إلى الله. وسأموت على التحقيق وسيكون دمى في عنقها ولكن ما حيلتى»؟
فتضحك الزوجة وتقول: «لا تغالط. إنما تريد أن تأكل وتخالف أمر الطبيب».
فأقسم بكل يمين أعرفها. ولكن من يصدق؟
حتى أنا، ينتهى الأمر بأن يساورنى الشك، أحيانا، ولى العذر .... •••
وقالت امرأتى تخاطب أصغر الشقيين: «لقد أذكرنى سؤالك حكاية سمعتها، أو قرأتها، وأنا صغيرة. قالوا إن ملكا واسع السلطان، أسن ولم يرزق ولدا، وكان تقيا صالحا فدعا الله أن يرده شابا. ونام فهتف به هاتف أن قم فكل من شجرة التفاح، فإن عليها ثمرة فى غير أوانها. وكان له بستانى هرم هم يتوكأ على العصا، وكان يجوس خلال البستان، فبلغ الشجرة ونظر فإذا ثمرة ناضجة تتدلى فتعجب، ومد يده فقطفها، وخطر له أن يهديها إلى الملك، غير أنه راجع نفسه، واستقل الهدية وإن كانت نادرة، وقال لنفسه إن تفاحة واحدة ولو كانت فى غير أوانها، لا تستحق أن ترفع إلى ملك، وليس يضيرنى أن أكلها، فلن يفتقدها أحد وهذا غير أوان التفاح، ثم إنى جوعان فما طعمت فى يومى شيئا. فأهوى عليها بأسنانه حتى أتى عليها، وعاد إلى كوخه فنام. وجاء الملك بعد قليل، فلم يجد تفاحة، ولا إيذانا بتفاحة، فلم يستغرب، وقال ما كان لى أن أتوقع غير ذلك، إن هى إلا أضغاث أحلام. وكر راجعا إلى قصره.
وأقبل ابن البستان على الكوخ ليوقظ أباه، فألفى فى فراشه فتى منظرانيا فتعجب وتساءل من عساه يكون؟ وأيقظه وراح يسأله من يكون؟ وماذا جاء به؟ وماذا يصنع فى كوخ أبيه؟ فقال: «أنا أبوك ... ألا تعرفنى»؟ قال: «أبى؟ وكيف يمكن ان تكونه وأنت أصغر منى وأصبى»؟.
صفحه نامشخص