167

العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم

العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم

ویرایشگر

شعيب الأرنؤوط

ناشر

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

ویراست

الثالثة

سال انتشار

١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م

محل انتشار

بيروت

فمنهم من قال: يكون مجملًا.
ومنهم من قال: يقدر أعم الأشياء، لأن تقدير غيره تخصيص بلا دليل، وذلك تحَكُّم، فيقدر: أن المرفوعَ حُكمُ هذه الأشياء، فَيَعُمُّ أحكامَ الدنيا والآخرة، إلا ما خصه الدليل.
ومنهم: مَنْ خَصَّه بأحكام الآخرة لِكثرة مخصّصاته في أحكامِ الدنيا في الجِنايات ونحوِها. وهو الصحيح في نظير هذه المسألة عندهم، وهما متقاربان. ولكنَّهم فرقوا بينهما في الكلام عليهما: بأنه إن ثبت عُرْفٌ يسْبِقُ الفهمُ إليه، تَعَين، مثل: تحريم الميتة والأمهات والحرير، فإن الفهم يسبِقُ إلى أن المحرَّم من الميتة: أَكْلُها، ومِنَ الأُم: نكاحُها، ومن الحرير: لباسُه، ونحو ذلك، وإن لم يَثْبُت عُرْفٌ، لزم التعميمُ، لأنه السابق إلى الأفهام حينئذ. والله أعلم.
ويقوي صحة هذا الحديث -مع ما تقدم من مفهومات كتاب الله، وصحيح السُّنن- ما رواه الحاكمُ، في تفسير سورة التكاثر، من " المستدرك "، فقال: " حدثنا أبو العباس محمدُ بنُ يعقوب، حدثنا محمد بنُ سِنان القزَّاز، حدثنا محمد بن بكر البرساني، حدثنا جعفرُ بن برْقان، قال: سمعتُ يزيدَ بن الأصم، يُحَدِّث عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: " ما أخشى عليكم الفقْرَ، ولكن أخشى عليكم التَّكَاثُرَ، وما أخشى عليكم الخطأَ، ولكن أخشى عليكم التعمد " (١). ثم قال: وهذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

(١) رواه الحاكم ٢/ ٥٣٤، وأحمد ٢/ ٣٠٨ و٥٣٩ وصححه ابن حبان (٢٤٨٩) وذكره الهيثمي في " المجمع " ٣/ ١٢١ و١٠/ ٢٣٦ وقال في الموضعين: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وإسناده صحيح.

1 / 197