وفي الهزيع الثاني ينادي الطفل أمه قائلا: «يا أماه أنا جائع فأعطيني خبزا» فتجيبه «ليس لدي خبز يا ولداه».
في الهزيع الثالث يمر الموت بالأم وطفلها، ويصفعهما بجناحه؛ فيرقدان على جانب الطريق، أما الموت، فيظل سائرا محدقا بالشفق البعيد.
في الصباح يذهب الرجل إلى الحقول طالبا القوت، فلا يجد فيها غير التراب، والحجارة.
وعند الظهيرة يعود إلى زوجته، وصغاره خائر القوى فارغ اليدين.
ولما يجيء المساء يمر الموت بالرجل، وزوجته، وصغاره، فيجدهم راقدين، فيضحك ثم يسير محدقا بالشفق البعيد.
في الصباح يترك الفلاح كوخه، ويذهب إلى المدينة، وفي جيبه حلي أمه، وأختيه ليبتاع بها الدقيق، وعند العصر يعود إلى قريته بلا قوت، ولا حلي، فيجد أمه، وابنتيها راقدات، أما عيونهن فلم تزل شاخصة باللا شيء، فيرفع ذراعيه نحو السماء، ثم يهبط إلى الحضيض كطائر رماه الصياد، وفي المساء يمر الموت بقرب الفلاح، وأمه، وأختيه، فيجدهم راقدين، فيبتسم، ثم يسير محدقا بالشفق البعيد.
في ظلام الليل، وليس لظلام الليل نهاية، نناديكم أيها السائرون في نور النهار، فهل أنتم سامعون صراخنا؟
قد بعثنا إليكم أرواح أمواتنا رسلا فهل وعيتم ما قاله الرسل؟ وحملنا الهواء الشرقي من أنفاسنا حملا فهل بلغ الهواء شواطئكم البعيدة، وألقى بين يديكم أحماله الثقيلة؟ هل عرفتم ما بنا فقمتم تسعون لإنقاذنا، أم وجدتم نفوسكم في سلامة وطمأنينة فقلتم «ماذا عسى يستطيع الجالسون في النور أن يفعلوا لأبناء الظلام، فلندع الموتى أن يدفنوا أمواتهم ولتكن مشيئة الله».
أي، لتكن مشيئة الله.
ولكن هلا تستطيعون أن ترفعوا رؤوسكم إلى ما فوق نفوسكم، ليصيركم الله مشيئة له وعونا لنا؟
صفحه نامشخص