ولما جاء المساء، وسكنت حركة العابرين سمعت صوتا آتيا من داخل الهيكل يقول: «الحياة نصفان: نصف متجلد، ونصف ملتهب، فالحب هو النصف الملتهب».
فدخلت الهيكل إذ ذاك، وسجدت راكعا مبتهلا مصليا هاتفا «اجعلني يا رب طعاما للهيب، اجعلني أيها الإله، مأكلا للنار المقدسة. آمين».
أيها الليل
يا ليل العشاق، والشعراء، والمنشدين.
يا ليل الأشباح، والأرواح، والأخيلة.
يا ليل الشوق، والصبابة، والتذكار.
أيها الجبار، الواقف بين أقزام غيوم المغرب وعرائس الفجر، المتقلد سيف الرهبة، المتوج بالقمر، المتشح بثوب السكوت، والناظر بألف عين إلى أعماق الحياة، المصغي بألف أذن إلى أنة الموت والعدم.
أنت ظلام يرينا أنوار السماء، والنهار نور يغمرنا بظلمة الأرض.
أنت أمل يفتح بصائرنا أمام هيبة اللانهاية، والنهار غرور يوقفنا كالعميان في عالم المقاييس والكمية.
أنت هدوء يبيح بصمته خفايا الأرواح المستيقظة السائرة في الفضاء العلوي، والنهار ضجيج يثير بعوامله نفوس المنطرحين بين سنابك المقاصد والرغائب.
صفحه نامشخص