الثالث، أي: الحمل على نفي ماهية الضرر ووجوده في الإسلام، ويلزمه أن كل حكم يتضمن ضررا أو ضرارا، لم يكن من أحكام الإسلام، وإلا تحقق الضرر في الإسلام.
والحكم: أعم من الوجوب، والحرمة، والاستحباب، والكراهة، والإباحة. فلا يتحقق تحريم، ولا كراهة، ولا وجوب، ولا استحباب ولا إباحة، يستلزم ضرر شخص من الأشخاص، فكل ما كان كذلك لا يكون حكما للشارع.
بل يستفاد من تلك الأحاديث: أن عدم الضرر، وعدم كون الحكم المتضمن للضرر حكما شرعيا، حكم شرعي يجب اتباعه والأخذ به.
البحث الرابع:
لما كان الضرر والضرار نكرتان منفيتان، فيفيدان العموم.
فعلى المعنى الأول: يكون النهي عن جميع أفراد الضرر.
وعلى الثاني: نفي لتجويز كل فرد منه.
وعلى الثالث: يكون نفيا لوجوده (1) كذلك.
ويكون المعنى: أنه لا ضرر ماليا بوجه من الوجوه، ولا بدنيا، ولا عرضيا، ولا غير ذلك من المضار، متحققا في أحكام الشرع، فيدل نفي الضرر على أن كل حكم يتضمن أو يستلزم ضررا أو ضرارا، فهو ليس من أحكام الشرع والإسلام، فلا يجب اتباعه.
ومن هذا تظهر كيفية الاستدلال في المسائل الفقيه بتلك الأخبار، فإنه يستدل بها على نفي كون ما يوجب ضررا أو ضرارا حكما شرعيا، وأما تعيين أصل الحكم فموقوف على دليل آخر.
مثلا: إذا كانت المبايعة مما يوجب ضررا على البائع بسبب الغبن، فيحكم
صفحه ۵۲