وأما الضرار: فهو إن كان بمعنى الضرر كما قيل، فواضح. نعم يختلف في الجملة لو لم يكن بمعناه، بل أخذت فيه المجازات، أو الاثنينية، ولكن الظاهر من الرواية السادسة: عدم اعتبار شئ منهما فيه.
وبالجملة: الأمر في ذلك سهل جدا، لظهور المعنى.
ثم لا يخفى أن الضرر - كما مر - خلاف النفع، وهو بحكم العرف واللغة في الأموال: تلف شئ من مال شخص، أو من مال نفسه، عينا كان أو منفعة، بلا منفعة أو عوض له، وإن كان فعل الغير، فهو إتلاف شخص شيئا من مال شخص أو نفسه.
وبعبارة أخرى، الضرر: هو إخراج ما في يد شخص من الأعيان أو المنافع بلا عوض له. فكل ما كان صرفه وإتلافه لجلب نفع أو عوض حاصل لم يكن ضررا. والنفع والعوض أعم من أن يكون دينيا أو دنيويا، في الآخرة أو الدنيا.
والنفع في الأموال: هو حصول زيادة مالية عينية، أو منفعة، أو إيصال تلك الزيادة، إذا كان النفع من فعل الغير.
والحاصل: أن كل عمل أو حكم صدر من أحد في ماله أو في مال غيره. فإما لا يحصل بسببه تبديل أو تغيير في ماله، أو يحصل، ولكن ما حصل بعوضه - من عين أو نفع أخروي أو دنيوي - مما يساويه عرفا وعادة، فهو ليس مما فيه نفع ولا ضرر.
وأن كان ما حصل بإزائه مما يزيد على ما بإزائه بحسب المتعارف، فتلك الزيادة تسمى نفعا.
وإن نقص عنه، يسمى ذلك النقص ضررا، وكذا إن لم يحصل بإزائه شئ.
وكذا كل عمل أو حكم يوجب نقص ما في يد شخص، من عين أو منفعة، فهو ضرر، أو اضرار وإن لم يكن تصرفا في ماله. وكل عمل أو حكم يوجب حصول شئ عيني أو نفعي له فهو نفع له وإن لم يكن بسبب تصرف في ماله.
صفحه ۴۹