نعم ظاهر الأمر في رواية ابن عمار المتقدمة: هو الوجوب، فلو ثبت التعميم لكانت حسنا في إثبات الوجوب.
ولكن فمع ذلك كله، وتسليم العموم، وإفادة الوجوب، لا يثبت من الآية ولا الرواية إلا وجوب التعظيم، وأما وجوب جميع أنواع التعظيم - وهو المفيد في مواضع الاستدلالات - فلا، إذ الأمر بالمطلق لا يدل على وجوب جميع أفراده. فيحصل الإجمال، أو وجوب نوع ما من التعظيم. ومن ذلك ظهر ضعف ذلك الاستدلال رأسا.
نعم: قد ثبت بالعقل والنقل حرمة الاستخفاف والإهانة بأعلام دين الله مطلقا، وانعقد عليها الإجماع، بل الضرورة، بل يوجب في الأكثر الكفر.
وترك التعظيم قد يكون بما يكون إهانة واستخفافا، وقد لا يكون كذلك، كما أن ترك تعظيم شخص تارة يكون بضربه أو الإعراض عنه الموجب للاستخفاف، وأخرى بعدم استقباله أو القيام له، فما كان من الأول يكون حراما لإيجابه الإهانة، دون ما كان من الثاني.
ثم الأمور الموجبة للإهانة أيضا على قسمين: قسم يكون إهانة مطلقا، كسب شخص ونحوه. وقسم قد يكون إهانة وقد لا يكون، ويختلف بالقصد، والمناط هو حصول الإهانة. هذا.
ثم لا يخفى: أن مطلق التعظيم لشعائر الله ، أي: جميع أفراده بجميع أفرادها وإن لم يثبت وجوبه، ولكن استحبابه ورجحانه - لأجل أنه من شعائر الله، ومنسوب إليه - مما لا شك فيه ولا شبهة تعتريه، والظاهر انعقاد الإجماع عليه. وقوله (عليه السلام): " لكل امرئ ما نوى " (1) يدل عليه. بل يستفاد من تضاعيف أخبار كثيرة أخرى أيضا، وفحوى: رجحان تعظيم البدن أو مطلق مناسك الحج يشعر به. والله هو الموفق.
صفحه ۳۱